للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ النَّفَقَاتِ

النفقات: جمع نَفَقة، وهي اسم مصدر من الإنفاق، وليست من نَفَق الثلاثي، فإنه معنى آخر، والنفقة في اصطلاح الفقهاء: ما يبذل للإنسان لكفايته من طعام وشراب ولباس، وهي حقٌّ للزوجة والقريب والمملوك، كما قال تعالى: ﴿وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ٢١٥]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]، وقال: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: ٧].

وباب النفقات من محاسن الإسلام، وهي من جنس ما يسمى بالتكافل الاجتماعي، وتكون واجبة ومستحبة، فتجب للزوجة على زوجها، وللقريب على قريبه الوارث؛ لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، كما سيأتي بيانه. وتجب للمملوك من الرقيق والبهائم.

ومثل هذه الواجبات أو المستحبات تجري في عرف الناس مجرى العادات لا يفعلها أكثر الناس إلا بحكم العادة، أو للتخلص من المطالبة، لا يفعلونها احتسابًا لنيل الثواب من الله، ولا ينوون بها امتثال أمر الله، فلا تقع منهم على وجه العبادة؛ لأنهم لم يفعلوها لله، فلا يجدون فيها لذة العبادة؛ التي يجدونها في صدقاتهم إذا تصدقوا.

وقد رغَّب النبي في إحسان القصد في النفقة على الأهل والعيال حين قال لسعد بن أبي وقاص: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ ﷿ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ» (١)، مع أن نفقة المرأة فيها شائبة المعاوضة،


(١) رواه البخاري (١٢٩٥)، ومسلم (١٦٢٨)؛ عن سعد بن أبي وقاص .

<<  <  ج: ص:  >  >>