قوله:«بَابُ الشَّهَادَاتِ»، أي: هذا باب ذكر ما ورد في السنة مما يتعلق بأحكام الشهود والشهادات. والشهادات: جمع شهادة، يقال: شهد بكذا، أي: أخبر به، فشهد مضمن معنى أخبر، ولهذا عدِّي بالباء.
وأصل الشهادة: الإخبار عمَّا يعلمه الشاهد بحسِّه أو بعقله وفطرته، أو بما بلغه من خبر صادق، وهي أنواع باعتبار الشاهد، والمشهود به، والمشهود عليه، والشاهد إما صادق وإما كاذب، والمشهود به إما حق لله، أو حق للعبد، وحق العبد إما عام وإما خاص، والمشهود عليه إما الإنسان نفسه أو غيره، وكذا المشهود له، إما الإنسان نفسه أو غيره، فإن كانت الشهادة من الإنسان على الإنسان نفسه فهي إقرار، وإن كانت الشهادة لنفسه على الغير فهي دعوى، وإن كانت على الغير للغير فهي شهادة.
فإن كان المشهود به حقًا عامًا لله فإن كان خبرًا عن الغير فهو رواية، وإن كان خبرًا عمَّا دل عليه الشرع من حكم فهو فتوى، فإن كان مع إلزام فهو حكم.
وكذلك تتنوع الشهادة من جهة ما يعتبر فيها من العدد، شاهد واحد، أو اثنان، أو ثلاثة، أو أربعة.
وكان من المناسب ذكر هذا الباب بعد باب الدعاوى والبينات؛ لأن الشهادة من جملة البينات.