قوله:«بَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ»، أي: هذا باب ذكر بعض ما جاء في السنة في فضل الذكر، ومشروعيته وفضل بعض أنواعه، وأنواعٍ من الدعاء، وقد اشتمل هذا الباب على سبعة وعشرين حديثا.
والمراد بالذكر ذكرُ الله، ويكون بالقلب واللسان، فأما ذكر الله بالقلب فيكون بالتفكر في آياته الكونية كالسماوات والأرض، والتدبرِ لآياته الشرعية، وهي آيات القرآن، والتدبرِ لمعاني أسمائه وصفاته، والتفكر في ذلك. وأما ذكر اللسان فمعروف.
وقد أمر الله بالذكر، وأثنى على أهله، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢)﴾ [الأحزاب: ٤١ - ٤٢]، وقال: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]، والذكر كسائر العبادات؛ منه الواجب والمستحب والمطلق والمقيد، والمراد بالدعاء في هذا المقام دعاءُ المسألة، وهو طلب العبد من ربه حوائجه الدينية والدنيوية، وقد أمر الله عباده بالدعاء، فقال سبحانه: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠]، وقال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦].
وأخبر عن دعاء الأنبياء كنوح وإبراهيم وأيوب وذي النون وزكريا، ﵈، وكذا عن امرأة عمران، وقد أحسن المؤلف الحافظ ﵀ في ختم هذا الكتاب النافع بهذا الباب؛ فإن ذكر الله هو مدار الدين ورُوح شرائعه، وقد أشبه ﵀ بذلك الإمام البخاري في ختمه الجامع الصحيح بكتاب التوحيد، ولعل الحافظ