تنوعت عبارات المصنفين في الترجمة لهذا الموضوع؛ فمنهم من يقول:(كتاب المناسك)، لأن أكثر ما يُطلق عليه اسم المناسك في لسان الشرع والفقهاء أعمال الحج والعمرة، لقوله ﷺ:«لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»(١)، ومنهم من يقول:(كتاب الحج والعمرة)، ومنهم من يقول:(كتاب الحج)، كما صنع الحافظ، ولعله اقتصر على لفظ الحج دون العمرة؛ لأن العمرة حج، وتدخل في الحج.
والحج في اللغة: القصد إلى معظم، وفي الشرع: القصد إلى البيت العتيق بأعمال مخصوصة.
والعمرة أصل معناها في اللغة: الزيارة، وفي الشرع: زيارة البيت الحرام بإحرام للطواف والسعي، ولا تطلق عند العرب إلا على ذلك.
وحج البيت أحد أركان الإسلام الخمسة، والصحيح أنه فرض في السنة التاسعة من الهجرة، وحج النبي ﷺ في السنة العاشرة، ومن رحمة الله أنه لا يجب في العمر إلا مرة، وهو على الاستطاعة، لقوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: ٩٧].
ويجب على الفور عند توفر شروطه، لأن الأصل في الأمر المطلق الفورية، وتأخر النبي ﷺ إلى العاشرة -وقد فرض في السنة التاسعة- من أجل أن يتطهر البيت من المشركين وعوائدهم، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨]، والمراد بهذا العام هو السنة التاسعة.