هذه الأحاديث هي الأصل في تحريم كل مسكر، وأن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرامٌ، وبهذا يعلم أن تحريم الخمر ثابت في الكتاب والسنة والإجماع، فتحريمها معلوم من دين الإسلام بالضرورة، فجاحد تحريمها كافرٌ، وأصل تحريمها من القرآن قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون (٩٠)﴾ [المائدة: ٩٠] إلى قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُون (٩١)﴾ [المائدة: ٩١].
وفي الأحاديث فوائد؛ منها:
١ - أن الخمر كانت مباحة حتى بعد الهجرة، ثم حُرِّمت بتدرج؛ بذمها والتنفير عنها أولًا، كما في آية البقرة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَّفْعِهِمَا﴾ [البقرة: ٢١٩]، ثم نهي عنها وقت قرب الصلاة في آية النساء: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣]، ثم حرمت تحريمًا قاطعًا في آية المائدة.
٢ - أن التحريم والتحليل إلى الله.
٣ - أن الخمر يكون من الخمسة المذكورات في قول عمر ﵁، وليس ذكرها على سبيل الحصر، فلا مفهوم للعدد. ولهذا قال:«وَالْخَمْرُ: مَا خَامَرَ الْعَقْلَ».
٤ - الرد على من حصر اسم الخمر بعصير العنب، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة، والجمهور على خلافه، وهو الصواب.
(١) أحمد (١٤٧٠٣)، وأبو داود (٣٦٨١)، والترمذي (١٨٦٥)، وابن ماجه (٣٣٩٣)، وابن حبان (٥٣٨٢). ورواه النسائي (٥٦٢٣)؛ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.