للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذِمَّةَ اللهِ، وَإِذَا أَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، فَلَا تَفْعَلْ، بَلْ عَلَى حُكْمِكَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللهِ أَمْ لَا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (١).

* * *

هذا حديث عظيم الشأن جليل القدر، تضمَّن هدي النبي مع أمرائه إذا أمَّرهم على الجيوش والسرايا، وهو أنه يوصيهم ويعلمهم ويأمرهم وينهاهم؛ يوصيهم في أنفسهم بتقوى الله، وبمن معهم من المسلمين خيرًا، يأمرهم بالغزو على اسم الله، أي مستعينين بالله، ذاكرين لله، ويعين لهم من يقاتلونه: «قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ»، أي: من عموم الناس، وينهاهم عن كل ما يقدح في العدل والإحسان والرحمة: «اغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»، ثم يبين لهم إذا لقوا العدو ما يدعونهم إليه، وهو ثلاثة أمور مرتبة: الدعوة إلى الإسلام، ثم دعوة من أسلم إلى الهجرة، ثم دعوة من أبى الإسلام إلى أداء الجزية، ثم قتال من أبى ذلك كله: «وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ المُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ: ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ المُهَاجِرِينَ … ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا -أي: الإسلام- فَاسْأَلْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللهِ تَعَالَى وَقَاتِلْهُمْ»، ويوصي الأمير إذا حاصر أهل حصن، أي من حصون العدو، فأرادوا أن يجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله، أي: عهد الله وعهد رسوله أوصاه ألا يجيبهم إلى ذلك، بل يجعل لهم ذمته وذمة أصحابه، وإذا أراد أهل الحصن من أمير المسلمين أن ينزلهم على حكم الله وحكم رسوله فلا يفعل، بل على حكمه، مع بيانه لعلة هذين الحكمين.


(١) مسلم (١٧٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>