للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثَّانِي: ما ذهب إليه كثيرٌ من العلماء من تحريم ذلك في الصَّحراء دون البنيان، واستدلُّوا بحديث ابن عمر، قال: «رَقِيتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَى لَبِنَتَيْنِ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» (١).

وأجاب أهل القول الأوَّل عن هذا الحديث بأنَّ النَّبي لم يفعل ذلك لبيان الجواز؛ لأنَّه كان خاليًا لا يراه أحدٌ، ولكن وقع عليه نظر ابن عمر من غير قصدٍ، فيكون ذلك من خصائصه .

٢ - أنَّ من كانت قبلته شرقًا أو غربًا فإنَّه يتوجَّه حال قضاء الحاجة إلى الشَّمال أو الجنوب، وأمَّا قوله: «وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» فهو لأهل المدينة ومن في سمتهم؛ لأنَّ قبلتهم إلى الجنوب.

٣ - جواز استقبال النَّيِّرين عند قضاء الحاجة خلافًا لمن كرهه، لقوله : «شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».

٤ - تحريم التَّمسُّح باليمين، وهو الاستنجاء.

٥ - أنَّ الاستنجاء بأقلَّ من ثلاثة أحجارٍ لا يجزئ في طهارة المحلِّ.

٦ - تحريم الاستنجاء بالعظم والرَّجيع وهو الرَّوث، وقد جاء تعليل هذا النَّهي بأنَّ العظم الَّذي ذكر اسم الله عليه طعام الجنِّ المؤمنين، يجدونه أوفر ما كان لحمًا. والرَّوث علفٌ لدوابِّهم، وأيضًا: فإنَّ العظم لا يحصل به الإنقاء؛ لأنَّه أملس، أو خشنٌ يؤذي المتمسِّح به.

٧ - أنَّ هذه الأحكام والآداب تدلُّ على شمول دين الإسلام، وقد روى سلمان هذا الحديث ردًّا على اليهوديِّ الَّذي قال له: «علَّمكم نبيُّكم كلَّ شيءٍ حتَّى الخراءة»، فقال سلمان : «أجل، لقد نهانا رسول الله … » الحديث.


(١) رواه البخاري (١٤٨)، ومسلم (٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>