للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٥٧٩) وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ؛ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: «إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (١).

* * *

هذا أثر عظيم من كلام الخليفة الراشد المحدَّث عمر بن الخطاب ، يتضمن أصلًا من أصول الشريعة، وهو إجراء أمور الناس على الظاهر، وتفويض سرائرهم إلى الله، ويدل لهذا الأصل نصوص من الكتاب والسنة، كقوله : «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» (٢)، وقوله للذي قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله، ظنًا منه أنه قالها تعوُذًا: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟» (٣)، وقال : «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» (٤)، وعلى هذا جرت أحكام الشريعة وسيرة النبي وأصحابه في المنافقين، من عصمة دمائهم وأموالهم ومناكحتهم وموارثتهم.

وأما قوله: «كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ » فذلك في بعض الأحوال، وفي حق بعض الأشخاص، ويدل لذلك قوله : «إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ» والغالب أخذهم بالظاهر، فالحكم فيهم بما تقتضيه أصول الشرع ونصوص الوحي، ومناسبة هذا الأثر لباب الشهادات أن الحكم على الشهود من حيث العدالة يكون بما ظهر من حالهم.


(١) البخاري (٢٦٤١).
(٢) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢)؛ عن ابن عمر .
(٣) رواه البخاري (٤٢٦٩)، ومسلم (٩٦)؛ عن أسامة بن زيد .
(٤) رواه البخاري (٤٣٥١)، ومسلم (١٠٦٤)؛ عن أبي سعيد الخدري .

<<  <  ج: ص:  >  >>