للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعبَّر بالماء الأوَّل عن الاغتسال؛ لأنَّه آلته، فهو مجازٌ مرسلٌ علاقته الآليَّة. وهذا اللَّفظ «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» يفيد الحصر، معناه: ما الغسل إلَّا من الإنزال، وقد جاء في بعض روايات الحديث «إنَّما الماء من الماء» (١).

وفي حديث أبي سعيدٍ فوائد، منها:

١ - وجوب الغسل من الإنزال بأيِّ سببٍ حصل.

٢ - أنَّه لا يجب الغسل بالجماع من غير إنزالٍ، وقد ذهب إلى هذا بعض الصَّحابة وبعض التَّابعين؛ لحديث أبي سعيدٍ ولم يبلغهم نسخ هذا الحكم.

وقد نقل غير واحدٍ إجماع العلماء على وجوب الغسل بالجماع وإن لم ينزل (٢)، ومن خالف في ذلك فقوله شاذٌّ مخالفٌ لحديث أبي هريرة : «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ» ولفظ مسلمٍ: «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ»، وكذلك حديث عائشة عن النَّبيِّ قال: «إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ» (٣)، وهذا كنايةٌ عن الإيلاج فلو مسَّ الختان الختان من غير إيلاجٍ لم يجب غسلٌ، وكذا قوله في حديث أبي هريرة «ثُمَّ جَهَدَهَا» هو كنايةٌ عن الجماع، وشعبها الأربع: فخذاها وساقاها.

وفي حديث أبي هريرة فوائد، منها:

٣ - وجوب الغسل من الجماع وإن لم يكن معه إنزالٌ.

٤ - الأدب بالكناية عمَّا يستحيا من التَّصريح به.


(١) رواها مسلم (٣٤٣) وغيره عن أبي سعيد الخدري .
(٢) منهم النووي في «المجموع» (٢/ ١٣٦)، وفي شرح مسلم (٤/ ٣٦)، وقال ابن تيمية: «وأما التقاء الختانين فيوجب الغسل، وهو كالإجماع». «شرح العمدة» (١/ ٣٥٧).
(٣) رواه مسلم (٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>