للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تضمَّنت هذه الأحاديث الستةُ الترغيبَ في الدعاء، وذكر بعض آدابه وأوقاته، واعلم أن الدعاء الوارد في الآيات والأحاديث نوعان:

الأول: دعاءُ عبادة، وهو شامل لكل عمل صالح من الأقوال والأفعال، بل يشمل عمل القلب واعتقاده، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧]، قيل: دعاؤكم: إيمانكم.

الثاني: دعاء مسألة، وهو طلب الحوائج بصيغة من صيغ الدعاء، وشواهده في الكتاب والسنة كثيرة؛ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار (٢٠١)[البقرة: ٢٠١]، ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّاب (٨)[آل عمران: ٨]، وفي الحديث: «اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (١)، ومن ذلك ما ذكره الله من دعاء نوح وأيوب وذي النون وزكريا . فتارة يراد بالدعاء في النصوص المعنى الأول، وتارة يراد الثاني، وقد يراد به النوعان، حسبما يرشد إليه السياق.

والدعاء في هذه الأحاديث هو دعاء المسألة.

وفي الأحاديث فوائد:

ففي حديث النعمان:

١ - حصر الدعاء في العبادة؛ لعظم شأنه؛ لأن كل عابدٍ داعٍ يسأل الثواب ويستعيذ من العذاب، كما قال تعالى: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠]، وبهذا يظهر معنى قوله في حديث أنس: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ» أي: خالصها.


(١) رواه البخاري (٨٣٤)، ومسلم (٢٧٠٥)؛ عن أبي بكر الصديق .

<<  <  ج: ص:  >  >>