للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذه الأحاديث استدلَّ بها على أنَّ هدي النَّبيِّ التَّبكير بصلاة الجمعة، وأنَّه لم يكن يبرد بها؛ لقوله: «ثمَّ ننصرف وليس للحيطان ظلٌّ يستظلُّ به»، وقوله: «نتتبَّع الفيء»؛ ممَّا يدلُّ على أنَّهم ينصرفون من صلاة الجمعة بُعَيد الزَّوال، وكذا قول سهلٍ: «ما كنَّا نقيل ولا نتغدَّى إلَّا بعد الجمعة»، وكانت عادتهم في القيلولة والغداء قبل وقت صلاة الظُّهر.

وقد اختلف العلماء في وقت صلاة الجمعة؛ فذهب الجمهور إلى أنَّ وقتها وقت الظُّهر؛ فلا تصلَّى إلَّا بعد الزَّوال، وذهب الإمام أحمد -في المشهور- إلى أنَّ وقتها قبل الزَّوال، بل المذهب أنَّ وقتها من ارتفاع الشَّمس؛ فأوَّل وقتها أوَّل وقت صلاة العيد إلى آخر وقت صلاة الظُّهر، واستدلَّ الإمام أحمد على ذلك بحديث سلمة وسهلٍ ، والحقيقة أنَّ دلالة الحديثين غير ظاهرةٍ، وإن كانت محتملةً، كيف وفي رواية حديث سلمة: «كنَّا نجمِّع مع رسول الله إذا زالت الشَّمس».

وقوله: «نجمِّع»؛ أي: نصلِّي الجمعة. وأمَّا قوله: «ثمَّ ننصرف وليس للحيطان ظلٌّ يستظلُّ به»، وقوله: «ثمَّ نرجع نتتبَّع الفيء» فغاية ما يدلُّ عليه التَّبكير في أوَّل الوقت كما تقدَّم، ومعلومٌ أنَّ النَّبيَّ لم يكن يطيل الخطبة، وكان يقرأ في الصَّلاة ب «سبِّح» والغاشية، أو الجمعة والمنافقون، وهذا كلُّه ممَّا يؤيِّد أنَّه لم يكن يبتدئ الخطبة والصَّلاة إلَّا بعد الزَّوال، وبهذا يعلم أنَّ ما ذهب إليه الجمهور هو الصَّحيح، هذا؛ وصلاة الجمعة بدلٌ عن صلاة الظُّهر فوقتها وقتها.

وفي الأحاديث فوائد؛ منها:

١ - أنَّ السُّنَّة التَّبكير بصلاة الجمعة؛ ولو مع شدَّة الحرِّ، وأخذ بعض العلماء من ذلك أنَّه لا ينهى عن التَّنفُّل بالصَّلاة قبل الزَّوال يوم الجمعة؛ فقد أُثِرَ أنَّ الصَّحابة كانوا يكثرون من التَّنفُّل قبل صلاة الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>