٩]، وحتَّى لو كان هذا؛ فلم يعفوا من اللَّوم والعتاب، ومن عذرهم شدَّة الحاجة الَّتي لم تصل إلى حدِّ الضَّرورة؛ فلذا لم يعذروا، بل عوتبوا على ذلك.
وممَّا يؤيِّد أنَّهم لم يرتكبوا ذنبًا عظيمًا أنَّهم لم يعاقبوا أو يهدَّدوا بعقابٍ، بل اقتصر على اللَّوم والتَّذكير بأنَّ ما عند الله من الأجر والثَّواب خيرٌ ممَّا انصرفوا إليه من اللَّهو والتِّجارة، بل ولم يواجهوا بالعتاب؛ فإنَّ الآية وردت في صيغة الخبر عن الغائب.
وفي الحديث فوائد؛ منها:
١ - مشروعيَّة صلاة الجمعة.
٢ - القيام في خطبة الجمعة، وهذا هدي النَّبيِّ ﷺ في الجمعة وغيرها.
٣ - أنَّ من طبع النُّفوس محبَّة منافع الدُّنيا، والحرص عليها، ولا سيَّما مع الحاجة.
٤ - أنَّ الصَّحابة ليسوا بمعصومين، بل تجوز عليهم الذُّنوب في الجملة.
٥ - أنَّه يجزئ في عدد الجمعة اثنا عشر رجلاً، وهذا أحد الأقوال في المسألة، وفي الاستدلال بالحديث على ذلك نظرٌ، وقد اختلف اختلافًا كثيرًا في العدد المشترط لوجوب الجمعة، وأقلُّ ما قيل: إنَّها تجب بثلاثةٍ مستوطنين، وقول الأكثرين إنَّها تجب بأربعين، والصَّواب: أنَّه يجزئ لوجوبها ثلاثةٌ؛ لحديث:«مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ ولا بَدْوٍ لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ»(١).
٦ - فضل من بقي مع النَّبيِّ ﷺ؛ كأبي بكرٍ، وعمر، وجابرٍ ﵃.
(١) رواه أحمد (٢١٧١٠)، وأبو داود (٥٤٧)، والنَّسائيُّ (٨٤٦)، وابن حبان (٢١٠١)، وابن خزيمة (١٤٨٦)، وصحَّحه الحاكم (٧٦٨). وصحَّح النوويُّ إسناده في «خلاصة الأحكام» (٧٨٤).