للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هذا الحديث يتضمن حكم تحريم الرجل لزوجته، مثل أن يقول: أنت عليَّ حرام، وقد اختلف السلف والخلف في هذه المسألة اختلافًا كثيرًا، على أكثر من خمسة عشر قولًا، ذكرها ابن القيم في «إعلام الموقعين» (١).

منها: أنه ظهار، كقوله: أنتِ عليَّ كظهر أمي، فتجب فيه كفارة الظهار.

ومنها: أنه طلاق بائن إذا نوى به الطلاق.

ومنها: أنه كتحريم الأمة السُّرية، وكتحريم الطعام، فتكون يمينًا مكفرة، وهذا ما يقتضيه قول ابن عباس ، وقوله: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة يشير به إلى قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم (٢)[التحريم: ١ - ٢]، وهذه الآيات نزلت في تحريم النبي على نفسه العسل الذي كان يشربه عند بعض أزواجه، إرضاءً لبعضهن (٢)، أو تحريمه لمارية ، كما جاء في سبب النزول (٣)، وجمهور العلماء يفرقون بين تحريم السُّرية، وتحريم الزوجة، ولهذا اتفقوا أن تحريم السُّرية كتحريم الطعام، تجب فيه كفارة اليمين، لقوله تعالى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾، وأما تحريم الزوجة ففيه الاختلاف الذي سبقت الإشارة إليه (٤).

والراجح ما ذهب إليه ابن عباس ، وهو أن تحريم الرجل امرأته يمينٌ تَحُلُّها الكفارة، كتحريم السُّرية، وقد رفع ابن عباس هذا الحكم إلى رسول الله بقوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١]، ومحل هذا فيما إذا قال الرجل ذلك منشئًا يريد تحريمها على نفسه وامتناعه منها، كما يُحَرِّم الرجل سريته على نفسه أو الطعام، كما جاء في سبب نزول الآية، أما إذا قال:


(١) «إعلام الموقعين» (٤/ ٤٥١ - ٤٥٩).
(٢) رواه البخاري (٥٢٦٧)، ومسلم (١٤٧٤)؛ عن عائشة .
(٣) رواه النسائي في «الكبرى» (١١٥٤٣)؛ عن أنس .
(٤) «إعلام الموقعين» (٤/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>