للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفلسفة الخلقية الإغريقية، كما عالج غيزو وابن خلدون، بأسلوبين مختلفين، قضية نشوء المدنيات وانحطاطها.

كان الوعي القومي، في السبعينيات، قد تبلور في مصر وتجلى في الصحافة الدورية، متجهًا، بفضل ازدياد التأثير الأجنبي، اتجاهًا جديدًا. فالخديوي إسماعيل كان قد يئس من إمكانية إيفاء ديونه إلى المصارف الأجنبية، ففرضت الدول الأوروبية حفاظًا على مصالحها، رقابة مالية على مصر، بدت كأنها ستتحول إلى رقابة سياسية أيضًا. ثم احتل أوروبيون مراكز وزارية في حكومة نوبر باشا التي تألفت في ١٨٧٨. ولكن لما عزلهم إسماعيل، مظهرًا بذلك ميلًا إلى التخلص من الرقابة الأوروبية، خلعه السلطان تحت ضغط من الدول. وكان إسماعيل قد فقد شعبيته في مصر بسبب حكمه الأوتوقراطي والضرائب الفاحشة التي كان قد فرضها لدفع الفائدة على ديونه. ولم يكن ابنه وخلفه من بعده أكثر شعبية منه. فنشأت وقويت في السنوات الثلاث الأولى من حكمه ثلاث حركات معارضة متشابكة: حركة الذين رأوا، عن اعتقاد ديني أو شعور وطني، في خضوعه لنفوذ أوروبا، خطرًا على استقلال مصر؛ وحركة الذين كانوا، عن مبدأ أو مصلحة، يريدون إحلال الحكم الدستوري محل الحكم المطلق؛ وحركة الضباط المصريين الأصل الذين أرادوا القضاء على سيطرة الضباط الأتراك الشركس على الجيش. وقد أدت السياسية البريطانية الفرنسية المؤيدة للخديوي توفيق إلى صهر هذه الحركات تدريجًا في حركة واحدة هي حركة المقاومة الشعبية التي آلت زعامتها، ربما عن حتمية، إلى الضباط. فغدا قائدهم، عرابي باشا، وزيرًا للحربية ورئيس الحكومة الفعلي في أوائل ١٨٨٢. إلا أن بريطانيا وفرنسا اعتبرتا حكومته خطرًا على مصالحهما، فأنهى البريطانيون تلك الفترة من التوتر والشكوك بضرب الإسكندرية بالقنابل، وباحتلال سائر أنحاء البلاد في أيلول ١٨٨٢. وقد لعب محمد عبده دورًا هامًا في هذه الأحداث، فكانت مقالاته في الأهرام

<<  <   >  >>