للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالمهدي في السودان (٦). لكن هذه المشاريع، كسائر مخططات الأفغاني، لم تسفر عن شيء، فعاد عبده إلى بيروت، حيث مكث ثلاث سنوات يعلم في مدرسة حديثة أنشأتها جمعية إسلامية خيرية. وفي بيروت، ألقى في علم الكلام محاضرات توسع فيها فيما بعد في أشهر مؤلفاته. وكانت داره في بيروت، كما كانت في القاهرة، ملتقى العلماء والكتاب الشباب من المسيحيين والدروز والمسلمين الذين كانوا يقصدونه للتحدث إليه عن الإسلام واللغة العربية.

وفي ١٨٨٨ سمح له الخديوي بالعودة إلى مصر، نزولًا عند وساطة مختلف الجهات، بما فيها الوكالة البريطانية (٧). وهناك أمل أن يستأنف التدريس، إلا أن الخديوي لم يكن مستعدًا لتركه يعمل حيث يمكنه التأثير مجددًا في الشبيبة، فعينه قاضيًا في «المحاكم الأهلية» التي أنشئت في ١٨٨٣ بموجب القوانين الوضعية الجديدة. فبدأت بذلك مرحلة عمله الرسمي الذي استمر حتى وفاته في ١٩٠٥. وفي ١٨٩٩ عين مفتيًا لمصر، أي رئيسًا لجهاز الشريعة الدينية بكامله، فتمكن، في هذا المركز، من القيام بشيء ما لإصلاح المحاكم الدينية وإدارة الأوقاف، كما ساعدت فتاويه في الشؤون العامة على تفسير الشريعة الدينية تفسيرًا يتفق مع حاجات العصر. وفي العام نفسه، عين عضوًا في المجلس التشريعي، الذي أنشئ في ١٨٨٣، كهيئة صغيرة تقتصر مهمتها على المناقشة وإبداء الرأي وتتألف من ثلاثين عضوًا، بعضهم يعين تعيينًا وبعضهم تنتخبه فئة محدودة من الناخبين. لكن عبده، حرصًا منه على القيام بواجب عام، كرس كثيرًا من وقته لهذا المجلس، مع أنه بقي، قلبيًا، عالمًا ومعلمًا ومنظمًا للمدارس. فقد ساعد على تأسيس جمعية إسلامية خيرية كان هدفها إنشاء المدارس الخاصة، كما ساعد على إدارة شؤونها؛ وفي ١٨٩٥ أقنع الخديوي بتأسيس مجلس إداري للأزهر، وبقي، لمدة عشر سنوات، أبرز عضو من أعضائه، وحقق بواسطته بعض الإصلاحات في نظام تلك الجامعة القديمة. وكان يعلم

<<  <   >  >>