١٩٢٥ و ١٩٢٦. غير أن جميع هذه النشاطات لم تكن سوى نتائج جانبية لعمله الأساسي، أي كقيم على أفكار محمد عبده.
كانت نظرة رشيد رضا ورفاقه إلى الإسلام، إجمالًا، نظرة الأفغاني وعبده. فهو يبدأ بالسؤال:«لماذا البلدان الإسلامية متخلفة في كل ناحية من نواحي التمدن؟ » ويجيب عليه، بالاستناد إلى العلاقة الجوهرية بين الحقيقة الدينية والازدهار الدنيوي، أن تعاليم الإسلام وقواعده الخلقية من شأنها، إذا فهمت على حقيقتها وطبقت بكاملها، أن تؤدي إلى الفلاح، لا في الآخرة فحسب، بل في هذه الدنيا أيضًا- الفلاح في جميع أشكاله المعروفة في العالم: القوة والهيبة والتمدن والسعادة. أما إذا لم تفهم على حقيقتها أو لم تطبق، فإنها تفضي إلى الضعف والفساد والبربرية. وهذا ينطبق ليس على الأفراد فحسب، بل على الجماعات أيضًا. فالأمة الإسلامية كانت قلب العالم المتمدن حين كانت حقًا إسلامية. أما الآن، فالمسلمون متخلفون في مضمار العلم والتمدن أكثر من غير المسلمين. وليس من الضروري لإثبات ذلك أن نقابل بين مسلمي الشرق الأدنى ومسيحي أوروبا، بل يكفي أن نقابل بينهم وبين المسيحيين الشرقيين المقيمين بينهم. فما هو، بعد قرن من التربية الحديثة، عدد أصحاب الرأي المستقل في مصر، أو قل بين المسلمين الهنديين إذا ما قيس بالهندوسيين والبارسيين؟ إن سبب هذا التخلف هو أن المسلمين قد فرطوا بحقيقة دينهم بتشجيع من حكام سياسيين فاسدين. فالإسلام الحقيقي ينطوي على أمرين: القول بالتوحيد، والشورى في شؤون الدولة. وقد حاول الحكام المستبدون حمل المسلمين على تناسي الثاني بتشجيعهم على التخلي عن الأول (١٣). لكن ما حدث في الماضي يمكنه أن يحدث من جديد: فالمدنية الإسلامية انبثقت من لا شيء بفضل القرآن ومبادئه الخلقية الموضوعة، ويمكن بعثها من جديد بعودة المسلمين إلى القرآن. وليس من الوارد القول بأن المدنية الحديثة قائمة على التقدم التقني، وإذن، لا يمكن بعث المدنية