العالم الإسلامي. فبالرغم من المشاعر المريرة التي أثارتها أولًا سياسة «تركيا الفتاة» ثم الثورة العربية، يظل العرب والأتراك بحاجة، بعضهم إلى بعض. فقد حافظ العرب على روح الإسلام الحقيقية وعلى معرفة اللغة العربية، بينما تميز الأتراك بالتماسك السياسي والقدرة على القيادة اللذين تفتقر إليهما (٥٠) الأمة. إن مصطفى كمال رجل عظيم، لكنه لسوء الحظ لا يعرف شيئًا عن الإسلام. وهو لو عرف الإسلام على حقيقته لكان هو الرجل المنشود (٥١).
أما الشرط الآخر، وهو الأهم، فيقضي بأن يعمل «أهل الحل والعقد» جميعًا من أجل إقامة الخلافة: «فالأمة كلها مطالبة (بنصب الإمام الحق) وهي صاحبة الأمر والشأن فيه ... وإنما يقوم به ممثلوها من أهل الحل والعقد ... فأهل الحل والعقد هم المطالبون بجميع مصالح الأمة العامة ومسألة السلطة العليا خاصة ... هم سراة الأمة وزعماؤها ورؤساؤها الذين تثق بهم في العلوم والأعمال والمصالح التي بها قيام حياتها وتتبعهم فيما يقررونه بشأن الديني والدنيوي منها» (٥٢).
لكن أين يوجد مثل هؤلاء الناس؟ إنه لمن الصعب العثور عليهم في الأمم الإسلامية الخاضعة للدول الأوروبية. فالزعماء في تلك الأمم إنما يمثلون، عادة، السلطة التي عينتهم (باستثناء بعضهم ولا شك كمحمد عبده و «ابنه الروحي» سعد زغلول في مصر، وغاندي ومولانا أبو الكلام آزاد في الهند)، وليس من أمل كبير في العثور عليهم في المؤسسات الدينية الرسمية، أي دور التعليم الكبرى كالأزهر في القاهرة، وجامع الزيتونة في تونس، ومعهد ديوباند الديني في الهند. ومن طرف آخر، فإن الخير لن يجيء على يد «المتفرنجين» الذين سيطروا على الحياة العامة طيلة الأجيال القليلة الماضية، إذ كانت عقيدتهم تقوم على الاعتقاد أن الدين يتعارض مع المجتمع الحديث، لذا أخذوا ينشؤون مؤسسات ويسنون قوانين لا جذور لها في الإسلام. أضف إلى ذلك أنهم آمنوا بأن