«قد يأخذنا العطف على أمثال محمد بيرم من المسلمين، لكن ليعلم السياسيون العمليون أن ليس لدى هؤلاء أي خطة جديرة بأن تقيم من الموت جسدًا لم يمت، لكنه في حالة نزاع، وقد يبقى هكذا لقرون عديدة ... أنه غير قابل للحياة ولا يمكن وقف انحلاله بأي مخدر من المخدرات الحديثة، مهما استعملت بمهارة».
لقد أثار هذا النقد اهتمامًا كبيرًا وعددًا من الردود. وقد يبدو غريبًا أن يسارع شميل المسيحي إلى الدفاع عن الإسلام. لكنه كتب عن الإسلام بحرية أوسع مما كان بإمكان مسيحي عربي من جيل سابق أن يكتب.
ليس من الصعب العثور على مصدر أفكار الشميل في مؤلفات سبنسر وبوخنر. لكنها كانت ترمي هنا إلى هدف معين في مجتمع كان لا يزال قائمًا على فكرة الجامعة الدينية. وكان الكثيرون من الكتاب العرب المسيحيين من معاصري شميل يبشرون بتلك الأفكار ويستنتجون منها وجوب وجود وحدة قومية تتعدى الفروق الدينية. لكن الشميل نفسه ذهب أبعد من ذلك في استنتاجه. فهو لم يكن يحاول الاستعاضة عن التضامن الديني بالتضامن القومي فحسب، بل راح أيضًا يعلن أن لجميع أنواع التضامن الجزئي خطر التضامن الديني، لأنها تجزئ المجتمع البشري. فالتعصب القومي الأعمى لا يقل شرًا عن التعصب الديني الأعمى. لذلك لا بد من أن تحل، عاجلًا أم آجلًا، الوطنية العالمية محل الولاء للوطن المحدود. وعندما ناقش المجلس التشريعي، في ١٩٠٩، مسألة تمديد امتياز قناة السويس وانتهى إلى الرفض، كتب شميل أن من مصلحة مصر تمديد هذا الامتياز، وقبول البدل المعروض من الشركة، لأن التقدم العلمي أسرع اليوم مما كان عليه في الماضي، وكذلك التقدم الاجتماعي. فمفهوم الوطن على تحول، وقريبًا سيشمل العالم كله. وعندما ينتهي الامتياز في ١٩٦٨، لن تكون القناة ملكًا لمصر أكثر مما تكون ملكًا للصين أو لأميركا. فلتأخذ، إذن، مصر البدل المعروض