الموظف الشاب في السفارة البريطانية في القسطنطينية، والمتعمق في لغات الشرق الأدنى وسياساته. كان هذا الشاب قد قام بمهمة دقيقة في كردستان، ثم أرسل إلى لبنان للاتصال بالمستعدين لمقاومة الحكم المصري. وعاش فيه سنتين بحجة تعلم اللغة العربية. وكان هناك أيضًا في الوقت نفسه واحد أو اثنان من الفرنسيين الذين كانوا، على الرغم من سياسة دولتهم العامة، يناهضون إبراهيم باشا ويدعمون هذه الحركة. ويظهر تأثير أمثال هؤلاء الرجال في النداء الذي وجهه الثوار إلى مواطنيهم، والذي يقفز بنا قفزًا إلى العالم الحديث، عالم الحركات الشعبية والروح القومية. وهذا نصه:
«أيها المواطنون الأعزاء!
«في علم جميعكم المظالم التي أنزلتها الحكومة المصرية بنا والضرائب الباهظة والمعاناة وضروب الاستعباد التي رزحت تحتها سوريا بأسرها، وقد جرت الخراب على كثير من العيال. على أن سكان لبنان، رغمًا عما هم فيه من الأنفة وروح الاستقلال، احتملوا بصبر مظالم السلطة الجائرة مراعاة لخاطر الأمير بشير الشهابي، على أمل أن يضمن لهم صبرهم هذا حفظ شرفهم وحريتهم وكيانهم.
«وإذا كنا لم نلجأ قبل الآن إلى السلاح للتخلص من السلطة الجائرة، فلأننا كنا نبني كل آمالنا على أن توسط أميرنا الأمير بشير الصادر عن أريحية ووطنية يخفف من شقائنا. إنما لسوء الحظ هذه الحكومة المستمرة على غيها وظلمها لم تحفظ جميلًا لأميرنا على ما أدى لها من الخدم ...
«ولنكن على يقين تام أن الندامة المتأخرة لا تنقذنا إذا لا سمح الله افترقنا أو ترددنا لحظة طرف عن توحيد قوانا لاستعادة حريتنا.
«ولكي نسلك بحزم ... مطبقين عملنا على الحكمة والرزانة الجديرتين بشعب حر مثلنا، يجب أن نعقد اجتماعات من الرجال المعروفين بعلو المنزلة وسمو المدارك، ويكون قوام هذه الجمعية