"ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإِحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم؛ فإنهم من ذرِّيَّةٍ طاهرةٍ، من أشرف بيت وُجِدَ على وجه الأرض فخرًا وحسبًا ونسبًا، ولا سيما إذا كانوا متَّبعين للسُّنَّة النَّبويَّة الصَّحيحة الواضحة الجليّة، كما كان عليه سلفهم، كالعبّاس وبنيه، وعليٍّ وأهل ذرِّيَّته رضي الله عنهم أجمعين". اهـ.
وكلام أهل السُّنَّة والجماعة في هذا يطول ذكره جدًّا، وقد أوردت أكثره في الفصل الرَّابع من الباب الثاني، في مبحث:(مذهب السَّلف في أهل البيت).
هذا؛ وإنَّ من تيسير الله عزَّ وجلَّ وحسن توفيقه لي؛ أنْ وقفتُ على هذا الكتاب القيِّم للحافظ شمس الدِّين السَّخَاويِّ في هذا الموضوع الحيوي (فضائل أهل بيت النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-)؛ خصوصًا وأنَّ مواقف النَّاس فيهم بين الغالي والجافي، والإِنصاف في مثل هذه القضايا عزيز، والمسدَّد من سدَّده الله.
وقد تردَّدتُ في أول الأمر في الإِقدام على تحقيق الكتاب، وقلت: ماذا عساي أن آتي في هذا الموضوع؟ ما الجديد الذي يمكن أن أُضيفَه إلى المكتبة الإِسلامية؟
وبعد أخذٍ وردٍّ، ومشاورة لأساتذتي ومشايخي، وزملائي وأقراني من طلبة العلم؛ شرح الله صدري للإِقدام على تحقيقه والعناية به، مع خدمته بدراسة وافية عن آل البيت وما يتعلَّق بهم، لا سيما وأنَّ الساحة تكاد تخلو من دراسة شاملة عن آل البيت، وإنْ وُجدت فلا تخلو من كثير من الملاحظات!
والذي لفت انتباهي حقًّا، أنَّ هذا الكتاب رغم شهرة مؤلفه ومكانته العلمية لم يأخذ حظَّه من الشهرة والمنزلة التي يليق بها؛ شأن كتب الحافظ السَّخاويِّ؛ فإني وإلى عهد قريب لم أجد أحدًا من العلماء والباحثن المعاصرين -فيما اطَّلعت عليه- أشار إلى الكتاب أو عرَّف به، وإنما قد يُذكر الكتاب من جملة مؤلفات السَّخَاويِّ دون الإِشارة إلى مخطوطاته أو أماكن وجودها، وغالبًا ما تذكر مؤلفات السَّخَاويِّ ولا يُشار إلى هذا الكتاب لا من قريب ولا من بعيد، اللهم إلَّا الدِّراسة الجيِّدة التي قام بها الشَّيخ مشهور آل سلمان
(١) "تفسير القرآن العظيم" (٦/ ١٩٩)، عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: ٣٣].