حول مؤلفات السَّخَاويِّ -وقد طُبع مؤخرًا- على أنه قد فاته شيء من ذلك، نبَّه عليه بعض الباحثين.
مع الوضع بعين الاعتبار كثرة المؤلفات في مناقب آل البيت، إلَّا أن الواقع أنَّ هذه المؤلَّفات دخلها كثير من الوضع، بدافع العاطفة والميل لأهل البيت، أو الكيد للإِسلام وتشويهه، مع اشتمال بعضها على عقائد منحرفة!
وقد جاء هذا الكتاب -بحمد الله تعالى- وسطًا بين تلك المؤلفات، تحرَّى فيه مؤلفه الحقَّ والصَّوابَ، مع مراعاة المقبول من الرِّوايات، مع وجود بعض الملاحظات التي لا يخلو منها أي كتاب من كتب البشر، فإنَّ الله أبى العصمة إلَّا لكتابه.
* * *
وبَعْدُ؛ فإنَّا نُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّا نحبُّ آلَ البيتِ ونجلُّهم، ونعتقد فضْلَهم وولايتهم -على قانون السَّلف، كما قرَّره أهل السُّنَّة والجماعة- ولا نذكرهم إلَّا بالجميل، وندفع عنهم كلَّ أذىً وقبيح، ولا يعني هذا تفضيلهم على جميع المؤمنين، بل يُنْزَلون منازلهم اللائقة بهم، من غير غلو أو جفاء.
عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: أي النَّاس خير بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان.
قلت: ثم أنت؟ قال:"ما أنا إلَّا رجل من المسلمين! "، أخرجه البخاري (١).
كما أنَّا لا ندَّعي لهم العصمة من الوقوع في الذُّنوب والمعاصي، بل هم كسائر البشر في ذلك.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"وسائر أهل السُّنَّة والجماعة وأئمة الدِّين لا يعتقدون عصمة أحد من الصَّحابة، ولا القرابة، ولا السَّابقين، ولا غيرهم، بل يجوز عندهم وقوع الذنوب منهم، والله تعالى يغفر
(١) كتاب فضائل الصحابة -باب قول النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت متخذًا خليلًا" (٧/ ٢٠ مع الفتح) - رقم (٣٦٧١).