للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه سمةٌ بارزةٌ في أكثر ما كُتب في فضائل أهل البيت.

أمَّا بالنِّسبة للضَّعيف، فالأمر فيه يسير طالما كان في الفضائل والمناقب.

قال أبو عبد الله النوفلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "إذا روينا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحلال والحرام والسُّنن والأحكام تشدَّدنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في فضائل الأعمال وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد" (١). اهـ. وهو مرويٌّ عن غير واحد من أهل العلم (٢).

ويذهب العلَّامة صديق حسن خان إلى أنَّ الضَّعيف لا يُقبل حتى في الفضائل والمناقب، يقول رحمه الله تعالى مقرِّرًا ذلك: "ومسلك أهل التحقيق أنَّ الحكم بفضيلة أحدٍ حكمٌ شرعيٌ، وأحكام الشَّرع الشَّريف متساوية الأقدام، فلا وجه للتمسُّك بالضِّعاف فيها، بل لا بدَّ أن يكون الخبر صحيحًا لذاته أو لغيره، وكذا الحسن. لا يحتجُّ بالضَّعيف إلَّا عن طريق الشَّهادة والمتابعة إذا كان موافقًا". اهـ (٣).

وأمَّا الواهي والموضوع فلا عذر في إيراده إلَّا مع بيان حاله.

قال السُّيوطي في "تدريب الراوي" (٤) في الكلام على الموضوع: "وتحرم روايته مع العلم به، أي بوضعه في أي معنى كان، سواء في الأحكام والقصص والترغيب وغيرها، إلَّا مبيَّنًا، أي مقرونًا ببيان وضعه، لحديث "مسلم": "من حدَّث عنّي بحديثٍ يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"". اهـ.

وكَتَبَ البخاريُّ على حديث: "موضوع، مَنْ حدَّث بهذا استوجب الضَّرب الشَّديد، والحبس الطويل! ". وعلَّق عليه الحافظ السَّخاويُّ بقوله: "لكن محلّ هذا ما لم يُبيِّن ذاكره


(١) أخرجه الخطيب البغدادي في: "الكفاية في علم الرواية" (ص ١٣٤) - باب التَّشدُّد في أحاديث الأحكام. ونقله الحافظ ابن حجر في: "القول المسدد في الذّبّ عن المسند للإمام أحمد" (ص ٢٠)، وغير واحد من السلف.
(٢) فقد قال به عبد الرحمن بن مهدي، وأبو زكريا العنبري فيما نقله عنه الحاكم، وابن عبد البر، وغيرهم. انظر: "الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة" لأبي الحسنات اللكنوي (ص ٥٠ - ٥١).
(٣) انظر: "الدين الخالص" (٣/ ٣١٦).
(٤) (١/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>