٣ - وجديرٌ بالملاحظة كذلك، أنَّ مصادر المؤلِّف التي ينقل منها الأحاديث غير مشتهرة، وبعضها أجزاء حديثية غير معروفة، وأصحابها ممن قد لا يُعرف عنه كثرة الرِّواية، أو ممن يروي الموضوعات بلا احتياط!
وقد رأينا من خلال النَّصِّ السَّابق نقله عن ابن السَّري، والملا في "سيرته". وفي مواطن كثيرة من الكتاب يعزو إلى: الإمام علي بن موسى الرِّضا، والغسَّاني في "معجمه"، وأبي روْق الهِزّاني، وابن المثنى في "معجمه"، وابن الحضرمي، وابن الجرَّاح، وابن الضَّحَّاك، وأبي مسلم البصري، وأبي سعيد النَّقَّاش.
الأمر الذي جعل السَّخَاويّ يصفه بالتَّسامح والتَّساهل في إيراد الأحاديث. كما تقدَّم قريبًا.
• ثانيًا: كتاب "استجلاب ارتقاء الغُرَف" للحافظ السَّخَاويّ:
١ - من الملاحظ لأول وهلة اهتمام المؤلف بالإسناد، فهو يذكر الحديث ببعض السَّند ليشير إلى مَنْ يدور عليه الكلام في الِإسناد، كما رأيتَ في حديث ابن عبَّاس.
٢ - أن السَّخَاويّ يتكلَّم على الأحاديث صحةً وضعفًا، ويُناقش من سبقه في الحكم على الأحاديث، وهذا مما يُعطي الكتاب قيمةً علميةً.
فقد رأينا قوله عند رواية حديث ابن عبَّاس:"أخرجه الترمذي عن أبي داود صاحب السُّنن، وقال: إنه حسن غريب، إنما يُعرف من هذا الوجه. وكذا أخرجه البيهقي في "الشُّعب"، ومن قبله الحاكم وقال: صحيح الإِسناد. ومن العجيب ذكر ابن الجوزي له في "العلل المتناهية"".
٣ - يُلاحظ كذلك كثرة ما يُورد المؤلف من الشَّواهد والمتابعات؛ فقد ذكر في النَّصِّ السَّابق ستة طرق لحديث العبَّاس بن عبد المطلب، فهو بذلك يجمع طرق الحديث ليتقوَّى بها.
بل يذكر في الباب الواحد أحيانًا روايات كثيرة، فيقول: وفي الباب عن فلان، وفلان، وفلان ... ثم يذكرها ومن خرَّجها. وبالله تعالى التوفيق.