* التعليق الرابع: جاء في بعض طرق الحديث (حديث الثَّقَلين): "مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه"، وفي ذلك سببٌ لطيفٌ؛ ذكره الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (٥/ ١٨٣)، وابن حجر المكي في "الصواعق المحرقة" (١/ ١٠٩)؛ ومفاده: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا بعث عليًّا إلى اليمن، حصل بينه وبين بعض رفاقه جفْوة وصدود! بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنَّها بعضهم جورًا وتضييقًا وبخلًا؛ والصواب كان معه في ذلك. فتكلَّم فيه بعضهم، ونَقصَه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-! فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يتغير وجهه ويقول: "يا بريدة! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ". قال: بلى يا رسول الله! قال: "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه". ولهذا لمَّا تفرَّغ -صلى الله عليه وسلم- من بيان المناسك، ورجع إلى المدينة بين ذلك أثناء الطريق؛ فخطب خطبة عظيمة في يوم غدير خمٍّ، فبيَّن أشياء، وذكر من فضل عليٍّ، وأمانته, وعدله، وقربه إليه، ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه ... ثم ساق ابن كثير رحمه الله تعالى (٥/ ١٨٤ - ١٨٨) الأحاديث الواردة في ذلك، وبيَّن ما فيها من صحيح وضعيف؛ فانظرها في موضعها. وبالله تعالى التوفيق. (١) سبق ذكر تلك الروايات والكلام عليها -قريبًا- بحمد الله. (٢) قارن هذا الموضع بـ "تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كتير (٦/ ١٩٩). (٣) انظر "جواهر العقدين" للسَّمهودي (ص ٢٤٤)، و "الصواعق المحرقة" للهيثمي (٢/ ٤٤٢). (٤) هذا سبق قلمٍ من المؤلف، فلم يسبق حديث بهذا اللفظ، وإنما ستأتي الأحاديث الدالة عليه قريبًا.