للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسكتت. ثم خرجتْ من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستقبلها عمرُ بنُ الخطاب -رضي الله عنه- فقال: "يا صفيَّةُ! سمعتُ صُرَاخَكِ، إنَّ قرابَتَكِ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لن تُغْني عنك من الله شيئًا! "، فبكتْ! فسمعها (١) النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وكان يُكْرمُها ويُحِبُّها، فقال: "يا عَمَّة! أتبكينَ وقد قلتُ لكِ ما قلتُ! ".

قالت: ليس ذلك أبكاني يا رسول اللهِ، استقبلني عمر بن الخطاب فقال: إنَّ قَرَابَتَكِ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لن تُغْنيَ عنكِ من الله شيئًا! قال: فغضب النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وقال: "يا بلالُ! هَجِّرْ بالصَّلاة".

فَهَجَّرَ بلالٌ بالصَّلاة، فصعد النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- المنبَر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

"ما بالُ أقوامٍ يَزْعُمُون أن قَرَابَتِي لا تَنْفَعُ، كلُّ نَسَبٍ وسَبَبٍ منقطعٌ يومَ القيامةِ إلَّا سَبَبي ونَسَبِي، فإنَّها موصُولةٌ في الدُّنيا والآخرة".

فقال عمر: "فتزوجتُ أمَّ كلثوم [ح ٣٤/ ب] بنت علي -رضي الله عنهم- لمَّا سمعتُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذٍ، أحببتُ أن يكون لي منه سَبَبٌ ونَسَبٌ". ثم خرجتْ من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمرَّت على ملأ من قريش، فإذا هم يتفاخرون، ويذكرون الجاهلية!

فقالت: "منَّا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، فقالوا: "إنَّ الشجرة لَتنْبُتُ في الكِبَا"، قال: فمرَّت إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فأخبرتْهُ! فقال: "يا بلالُ! هَجِّرْ بالصَّلاة"، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:

"يا أيُّها النَّاس! مَنْ أنا؟ "، قالوا: "أنت رسول الله".

قال: "انْسِبُوْني"، قالوا: "أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطَّلب".

قال: "أَجل، أنا محمد بن عبد الله، وأنا رسول الله.

فما بالُ أقوامٍ يِبْتَذِلُونَ أصْلِي، فوالله لأنا أفضلُهم أصْلًا، وخيرُهم مَوْضِعًا".


(١) في (م): فسمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>