للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لفظها بقوله: "غير أن لكم رَحِمًا سَأَبُلُّها بِبِلالِهَا". وستأتي هذه الزيادة في الخاتمة من حديث عمرو بن العاص أيضًا (١).

أو كان المقامُ مُقامَ التَّخويف (٢) والتَّحذير، فبالغ في الحثِّ على العمل، وحينئذٍ فيكون في قوله: "لا أُغْني شيئًا"، إضمار: "إلَّا إنْ أذِنَ اللهُ لي في الشَّفاعة".

وقيل: إنَّ هذا كان قبل أن يُعْلِمَه الله عزَّ وجلَّ بأنه يشفعُ فيمن أراد، وتُقبلُ شفاعتُه حتى يُدْخِلَ قومًا الجنةَ بغيرِ حسابٍ، ويَرْفَعَ درجاتِ آخرين، ويُخْرِجَ من النَّار من دخلها بذنوبه (٣).

١٣٨ - وأما ما رويناه في أواخر الحديث [ح ٣٧/ أ] الرَّابع من "أربعي الطَّائي" (٤) من طريق الفُضَيل بن مرزوق قال: سمعتُ الحسنَ بنَ الحسنِ بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يقول لرجلٍ ممن يَغْلوا فيهم: "ويْحَكُم، أَحِبُّونَا لله، فإنْ أَطَعْنَا الله فأَحِبُّونَا، وَإِنْ عَصَيْنَا الله فَأَبْغِضُونَا".

قال: فقال له الرَّجل: "إنكم ذوو قرابةِ رسولِ الله (٥) -صلى الله عليه وسلم- وأهْلُ بيته! ".

فقال: "وَيْحَكُمْ، لو كان الله نافعًا بقرابةٍ من رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بغير عملٍ بطاعتِهِ، لَنَفَعَ بذلك مَنْ هو أَقْربَ إليه منَّا، أَباه وأُمَّه! وإنِّي أَخافُ أَنْ يُضَاعفَ للعاصي منَّا


(١) انظر حديث رقم (٤٠٣).
(٢) العبارة في (م) هكذا: (أو كان المقام مقام تخويف)، والذي في الأصل مطابق لما في "فتح الباري".
(٣) انظر هذه الأقوال بنصِّها في "فتح الباري" (٨/ ٥٠٢).
(٤) "الأربعون الطائية" (ص ٥٨)، واسمه: "كتاب الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل اليقين"، طُبع مؤخرًا بتحقيق الدكتور علي حسين البَّواب، بالرياض سنة (١٤١٧ هـ).
• والطَّائيّ: هو الإمام الصالح الواعظ المحدِّث، أبو الفتوح محمد بن أبي جعفر محمد بن علي بن محمد الهَمَذَانيّ، صاحب الأربعين المشهورة. ولد سنة (٤٧٥ هـ)، ومات بهَمَذَان سنة (٥٥٥ هـ). "سير أعلام النبلاء" (٢٠/ ٣٦٠)، و"طبقات الشافعية الكبرى" (٦/ ١٨٨).
(٥) في (م): (ذوو قرابة من رسول الله) بزيادة: مِنْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>