ثانيًا: أنَّ الذي روى هذه الزيادة عن عمَّار هو حمَّاد بن سلمة، وهو وإنْ كان ثقة إلَّا أنه تغيَّر حفظه بأخرة. وقد رواه عنه الحسن بن داود الأحمر، وهو لا يُعرف، لم أقف له على ترجمة. ثالثًا: يُضاف إلى ما سبق أن رواية عمَّار بن أبي عمَّار عند ابن المقرئ مسلسلة بالمجاهيل الذين لا يُعرفون! ومن هذه حاله يأتي بالمناكير! ويخالف الثقات الأثبات. والله تعالى أعلم بالصواب. • تنبيه: عزا الشيخ ابن بدران رحمه الله تعالى في "تهذيب تاريخ دمشق" (٥/ ٤٥١، ٤٥٢)، هذا الحديث إلى ابن عساكر من طريق أبي سلمة عن ابن عبّاس وأنَّ فيها تقبيل زيد بن ثابت يد ابن عبَّاس، وهو وَهْمُ منه رحمه الله، فلم أجد هذه الرِّواية من هذا الطريق بهذه الزيادة في "تاريخ ابن عساكر" المطبوع، وإنما هي من طريق ابن المقريء عن عمَّار بن أبي عمَّار عن ابن عباس. أقول: ومن أنكر رُوي في تقبيلِ اليدِ الإمامُ مالكُ بن أنس رحمه الله تعالى كما حكاه عنه شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في "مختصر الفتاوى المصرية" (ص ٥٦٤)، وابن حجر في "الفتح" (١١/ ٥٦). قال الأبهريْ من المالكية: "وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبُّر والتعظُّم، وأما إذا كانت على وجه القُرْبة إلى الله لدينه، أو علمه، أو لشرفه، فإنَّ ذلك جائز". "فتح الباري" (١١/ ٥٧). ومن ذهب إلى ذلك أيضًا: أبو عمر ابن عبد البرِّ كما نقله ابن مفلح عنه، أنه قال: "كان يُقال: تقبيل اليد إحدى السَّجدتين". انظر: "الآداب الشرعية" (٢/ ١٧٨). • ومما يجدر التَّنْبيه عليه في هذا الصَّدد: أن القول بنكارة هذه الزيادة لا يعني إنكار جميع ما ورد في الباب، فقد جاء من طرق صحيحةٍ وحسنةٍ تقبيلُ بعضِ الصَّحابة يد النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، كما فعل ذلك مَنْ قدم من غزوة مؤتة. ونحوه جاء عن بعض الصَّحابة الكرام مع بعضهم بعضًا، كتقبيل أبي عُبيدة يد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. ولذا رخَّص فيه أكثر الفقهاء كأحمد وغيره لمن فعل ذلك على وجه التديُّن، لا على وجه التعظيم للدُّنيا. انظر: "مختصر الفتاوى المصرية". (ص ٥٦٣)، و"فتح الباري" (١١/ ٥٧)، ومقدمة تحقيق "جزء ابن المقرئ" للشيخ الحدَّاد (ص ٢٨) وما بعدها). (١) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (١/ ٥١٤).