. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
____
= أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي ذرٍّ أنه سمع النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا تقوم السَّاعة حتى يغلب على الدُّنيا لكع ابن لكع، وأفضل الناس مؤمن بين كريمين". قال الطبراني عقب روايته: "لم يروه عن الزهري إلا عقيل، ولا عن عقيل إلَّا ابن لهيعة؛ تفرَّد به عبد الله بن يوسف, ولا يُروى عن أبي ذرِّ إلَّا من هذا الوجه".
قلتُ: ورجاله ثقات سوى بكر بن سهل بن إسماعيل الدَّمياطي شيخ الطبراني، وعبد الله بن لهيعة.
أمَّا بكر بن سهل، فمتكلِّمٌ فيه، فلقد أنكروا عليه حديثًا رواه عن سعيد بن كثير، وقد ضعَّفه النسائي كما في "المغني في الضعفاء" (١/ ١٧٧) للذهبي، وقال: "متوسط". وقال في "النبلاء" (١٣/ ٤٢٥): "حمل الناس عنه، وهو مقارب الحال".
أقول: ومَنْ هذا وَصْفُهُ فأقلُّ أحواله أنه صدوق له أغاليط.
وابن لهيعة ضعيفٌ كما تقدَّم مرارًا، وبقية رجاله رجال الصَّحيح:
فعبد الله بن يوسف، هو التِّنِّيسيّ, أبو محمد الكَلاعيّ (ثقة متقن، من أثبت الناس في الموطأ)، أخرج له البخاري والأربعة عدا ابن ماجه. "التقريب" (ص ٥٥٩). وعُقَيْل -بالضمِّ- بن خالد، هو ابن عَقيل -بالفتح- الأيلي، أبو خالد الأُمويّ مولاهم (ثقة ثبت)، أخرج له الجماعة. "التقريب" (ص ٦٨٧). وابن شهاب، تقدَّم غير مرة. وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (ثقة)، روى له الجماعة. "التقريب" (ص ٦٢١).
وأبوه، أحد فقهاء المدينة الملقَّب بـ"راهب قريش" لكثرة عبادته، والصَّحيح أن اسمه كنيتة كما رجَّحه الطبري وابن عبد البر وابن حجر. قال في "التقريب" (ص ١١١٧): "ثقة فقيه عابد"، روى له الجماعة.
قلتُ: يظهر -والله تعالى أعلم- أن في الإِسناد علةً؛ وهي عدم سماع أبي بكر بن عبد الرحمن من أبي ذرٍّ رضي الله عنه، فإنَّ أبا بكر بن عبد الرحمن وُلِدَ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويظهر أن ذلك -كما سيأتي- كان في آخر خلافته، وكانت وفاة أبي ذرٍّ بالرَّبَذة سنة (٣٢ هـ) في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويدلُّ على عدم سماعه منه أمور:
١ - أن أبا بكر بن عبد الرحمن كان عند وفاة أبي ذرًّ صغيرًا، فقد استُصْغر يوم الجمل، فرُدَّ من الطريق هو وعروة بن الزبير وعمرهما آنذاك (١٣ سنة)، ومن المعلوم أن معركة الجمل كانت عام (٣٥ هـ).
٢ - أن الحافظ العلائي نصَّ في "جامع التحصيل" (ص ٣٧٩) على أنه لم يلقَ زيد بن ثابت، ومعلوم أن وفاة زيد بن ثابت رضي الله عنه سنة (٤٥ أو ٤٨ أو ٥١ أو ٥٥ هـ) على خلافٍ في ذلك؛ فكيف يلقى أبا ذرٍّ المتوفي سنة (٣٢ هـ)؟ !
٣ - أن العلائي نصَّ في "جامع التحصيل" (ص ٢٨٩) أيضًا، أن عروة بن الزبير -وهو من أقران أبي بكر بن عبد الرحمن- لم يسمع من علي بن أبي طالب، ومعلوم أن وفاة علي -رضي الله عنه- سنة (٤٠ هـ). =