للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِكَوْنِهِ غير مُعَلّق على الْمَوْت إِلَّا أَن يُرِيد التَّدْبِير، وَبِهَذَا كُله يظْهر الْفرق بَين الْوَصِيَّة وَالتَّدْبِير وَإِن كَانَ كل مِنْهُمَا لَا ينفذ إِلَّا من الثُّلُث. قَالَ سَحْنُون لِابْنِ الْقَاسِم: أَي شَيْء هَذَا التَّدْبِير فِي قَول مَالك؟ فَقَالَ: هُوَ إِيجَاب أوجبه السَّيِّد على نَفسه والإيجاب عِنْد مَالك لَازم، ثمَّ قَالَ: وَمَا الْوَصِيَّة؟ فَقَالَ: إِنَّهَا عدَّة، وَالْعدة لَيست بِإِيجَاب وَالتَّدْبِير إِيجَاب والإيجاب لَيْسَ بعده اه. وَقَالَ فِيمَن قَالَ: أَنْت حر بعد موتِي يسْأَل؟ فَإِن نوى التَّدْبِير أَو الْوَصِيَّة فَإِنَّهُ يصدق وَيلْزمهُ مَا نوى اه. وَلأَجل أَن الْعتْق فِي التَّدْبِير لَازم لَا رُجُوع فِيهِ استتبع الْأَوْلَاد وَكَانُوا مُدبرين كأمهم بِخِلَاف الْوَصِيَّة بِالْعِتْقِ فَإِن الْأَوْلَاد لَا يتبعُون أمّهم كَمَا قَالَه ابْن الْقصار. وَحكى عَلَيْهِ الْإِجْمَاع وَقَول (خَ) : وَإِن زَوْجَة فِي زَائِد ثلثهَا الخ. إِنَّمَا كَانَ يلْزمهَا وَلَو فِي زَائِد ثلثهَا بل وَلَو فِي عبد لَا تملك غَيره. مَعَ أَنَّهَا محجر عَلَيْهَا فِي زَائِد الثُّلُث، لِأَن الزَّوْج لَا ضَرَر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ الْآن زَائِدا على الثُّلُث فَلَا ينفذ بعد الْمَوْت إِلَّا مِنْهُ فَلَا ضَرَر عَلَيْهِ. تَنْبِيه: اعْترض ابْن عَرَفَة تَعْرِيف ابْن الْحَاجِب للتدبير الَّذِي هُوَ كتعريف (خَ) الْمُتَقَدّم وَقَالَ: إِنَّه حد تركيبي وَهُوَ وقف معرفَة الْمُعَرّف على معرفَة حَقِيقَة أُخْرَى أَجْنَبِيَّة عَنهُ لَيست أَعم وَلَا أخص وَهِي هُنَا وَصِيَّة، فَإِن الْوَصِيَّة تفْتَقر إِلَى حَدهَا أَيْضا وَهِي مباينة للتدبير فَلَا يعرف حِينَئِذٍ التَّدْبِير إِلَّا بِمَعْرِِفَة الْوَصِيَّة، وَالْحَد التركيبي يجْتَنب فِي الْحُدُود. وَيُجَاب عَن ذَلِك بِأَن ابْن الْحَاجِب أَرَادَ الْوَصْف اللَّازِم للْوَصِيَّة فَكَأَنَّهُ قَالَ: التَّدْبِير تَعْلِيق على وَجه اللُّزُوم لَا على وَجه غير اللُّزُوم. (و) ب (الوصاة) بِفَتْح الْوَاو أَي الْوَصِيَّة كَقَوْلِه: إِن مت من مرضِي أَو سَفَرِي هَذَا فَأَنت حر أَو مُدبر أَو حر بعد موتِي وَلم يرد بِهِ التَّدْبِير أَو حر بعد موتِي بيومٍ أَو شهر وَلم ينْو بِهِ التَّدْبِير كَمَا مرَّ. (وبالكتابة) وَهِي كَمَا لِابْنِ عَرَفَة عتق على مَال مُؤَجل من العَبْد مَوْقُوف على أَدَائِهِ فَيخرج مَا على مَال معجل، وَلذَا قَالَ فِيهَا: لَا تجوز كِتَابَة أم الْوَلَد وَيجوز عتقهَا على مَال معجل، وَيخرج عتق العَبْد على مَال مُؤَجل على أَجْنَبِي الخ. فَقَوله: على مَال أخرج بِهِ الْعتْق على غير مَال سَوَاء كَانَ بتلا أَو لأجل، وَقَوله: مُؤَجل أخرج بِهِ القطاعة، وَقَوله: مَوْقُوف على أَدَائِهِ أخرج بِهِ الْعتْق الْمُعَجل على أَدَاء مَال إِلَى أجل، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِكِتَابَة عرفا، وَلَكِن الْعتْق لَازم للسَّيِّد معجلا وَلزِمَ المَال للْعَبد معجلا إِن كَانَ مُوسِرًا وَيتبع بِهِ دينا فِي ذمَّته إِن كَانَ مُعسرا. قَالَ ابْن مَرْزُوق: وَالصَّوَاب أَن يَقُول عقد يُوجب عتقا الخ لِأَنَّهَا سَبَب فِي الْعتْق لَا نَفسه. (وبالبتات) وَهُوَ الْعتْق الناجز على غير مَال كَمَا مر. وصيغته: إِمَّا صَرِيحَة وَهِي الَّتِي لَا تَنْصَرِف عَن الْعتْق بِالنِّيَّةِ كَقَوْلِه: أَعتَقتك أَو حررتك أَو أَنْت حر أَو فَككت رقبتك أَو أَنْت مفكوك الرَّقَبَة، فَإِنَّهُ لَا يصدق أَنه أَرَادَ بِهَذِهِ الصِّيَغ وَنَحْوهَا غير الْعتْق فَإِن كَانَت هُنَاكَ قرينَة لفظية كَقَوْلِه: أَنْت حر الْيَوْم من هَذَا الْعَمَل وَقَالَ: لم أرد عتقه صدق بِيَمِينِهِ ثمَّ لَا يَسْتَعْمِلهُ فِي ذَلِك الْيَوْم كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَة، وَكَذَا لَو قَالَ: أَنْت حر الْيَوْم

<<  <  ج: ص:  >  >>