اتهما بِهِ (خَ) فِي الْحِرَابَة وبالقتل يجب قَتله وَلَو بإعانة. قَالَ الزّرْقَانِيّ: أَي على الْقَتْل وَلَو بالتقوى بجاهه وَإِن لم يَأْمر بقتل وَلَا تسبب فِيهِ لِأَن جاهه أَعَانَهُ عَلَيْهِ حكما كَكَوْنِهِ من فِئَة ينحاز إِلَيْهِم قطاع الطَّرِيق فَيقْتل الْجَمِيع لأَنهم متمالئون اه. بِاخْتِصَار، وَنَحْوه فِي ابْن الْحَاج والشامل، وَإِذا كَانَ الْمعِين بجاهه والانحياز إِلَيْهِ مؤاخذاً بِالْقَتْلِ فَهُوَ مؤاخذ بِمَا نهبوه من الْأَمْوَال بالأحرى، وقبائل الزَّمَان مَعْلُوم مَا هم عَلَيْهِ من حمايتهم لمتلصصيهم وغاصبهم بِالْفِعْلِ فضلا عَن حمايتهم لَهُم بالجاه والانحياز، فَلَا إِشْكَال أَن غير الْمُبَاشر مِنْهُم مؤاخذ بِمَا فعله الْمُبَاشر وَلَو لم يظْهر مِنْهُ تسبب لِأَنَّهُ لَا أقل من أَن يكون حامياً للمباشر بجاهه أَو إيوائه إِلَيْهِ بل لَو لم يكن هُنَاكَ حماية أصلا لَا بالجاه وَلَا بالإيواء والانحياز وَلَا بِغَيْر ذَلِك لَكَانَ إغرامهم لما اتهمَ بِهِ سراقهم وغصابهم أمرا شَرْعِيًّا كَمَا قَالَ ناظم الْعَمَل: وَلَا يُؤَاخذ بذنب الْغَيْر فِي كل شرع من قديم الدَّهْر إِلَّا إِذا سدت بِهِ الذريعة أَو خيف شرع شرعة أَو شيعَة وَالشَّاهِد فِي قَوْله: إِلَّا إِذا سدت بِهِ الذريعة، الخ. لأَنهم إِذا غرموا حملهمْ ذَلِك على حفظ طرقاتهم وَحفظ المارين بأرضهم وَعدم كتمان غصابهم وسراقهم، فضلا عَن التعصب عَلَيْهِم. وَقد بسطنا الْكَلَام على ذَلِك بِمَا يشفي الغليل إِن شَاءَ الله فِي الْفَصْل الثَّالِث وَالسَّادِس من أجوبتنا لأسئلة الإِمَام محيي الدّين. الثَّالِث: الحكم فِي الدَّعْوَى على المتهوم من وَظِيفَة الْوُلَاة كَمَا مر عَن الْخَلِيفَة أبي الْعَبَّاس الْمَنْصُور إِذْ هُوَ الَّذِي تولى الحكم فِي ذَلِك بِمحضر أُولَئِكَ الْعلمَاء، وَقد قَالَ الْقَرَافِيّ: يمتاز نظر القَاضِي وَنظر وَالِي الجرائم بِأُمُور. مِنْهَا: أَن وَالِي الجرائم يسمع الدَّعْوَى على المتهوم ويبالغ فِي كشفه بِخِلَاف القَاضِي، وَمِنْهَا أَن يعجل بِحَبْس المتهوم للاستبراء والكشف قَالَ: وَقد ورد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد فِي بعض غَزَوَاته رجلا فاتهمه بِأَنَّهُ جاسوس فعاقبه حَتَّى أقرّ، وَمِنْهَا أَنه يضْرب المتهوم مَعَ قُوَّة التُّهْمَة، وَمِنْهَا أَنه يتوعد المجرم بِالْقَتْلِ فِيمَا لَا يجب فِيهِ قتل لِأَنَّهُ إرهاب لَا تَحْقِيق، وَيجوز لَهُ أَن يُحَقّق وعيده بالأدب دون الْقَتْل بِخِلَاف الْقُضَاة فَلَيْسَ لَهُم ذَلِك اه. بِاخْتِصَار. وَنَقله ابْن فَرِحُونَ فِي تبصرته وَزَاد أَن لقضاة الْمَالِكِيَّة فعل ذَلِك وَسَيَأْتِي قَول النَّاظِم: وَإِن يكن مطالباً من يتهم فَمَا لَك بِالضَّرْبِ والسجن حكم وَقَالَ فِي التَّبْصِرَة أَيْضا: كَانَ مَالك يَقُول فِي هَؤُلَاءِ الَّذين عرفُوا بِالْفَسَادِ والجرم أَن الضَّرْب قل مَا ينكلهم، وَلَكِن أرى أَن يحبسهم السُّلْطَان فِي السجون ويثقلهم بالحديد وَلَا يخرجهم مِنْهُ أبدا فَذَلِك خير لَهُم ولأهليهم وللمسلمين حَتَّى تظهر تَوْبَة أحدهم، وَيثبت ذَلِك عِنْد السُّلْطَان فَإِذا صلح وَظَهَرت تَوْبَته أطلقهُ اه. من النَّوَادِر. فَهَذِهِ النُّصُوص متواترة بكشف المتهوم وَاحِدًا كَانَ أَو جمَاعَة من الْقَبَائِل أَو غَيرهم، وَمَعَ ذَلِك يضمنُون لما مر من الْمصلحَة الْعَامَّة أَو سداً للذريعة كَمَا مرّ، وَعَلِيهِ فإرسال المتهوم للْقَاضِي يحكم بَينهم من زِيَادَة الْفساد قطعا وإهمال سد الذرائع لَيْسَ بِالْأَمر الهين إِذْ فِيهِ إِعَانَة الظَّالِم على ظلمه لِأَن غَايَة مَا يَفْعَله القَاضِي أَن يُكَلف المنهوب بِالْبَيِّنَةِ، وَأَيْنَ هَذِه الْبَيِّنَة؟ إِذْ لَو حَضرته الْبَيِّنَة مَا غصب وَمَا سرق، وعَلى فرض وجودهَا فَلَا تكون إِلَّا من أهل الْبَلَد وهم على مَا هم عَلَيْهِ من الحمية والعصبية وَقُوَّة التُّهْمَة بِالتَّعَدِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute