للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا صح حس المرء صح قياسه ... وليس يصح العقل من فاسد الحس

واحتج آخر في أن كتب في ظهر فقال:

كتبت إليك في ظهر لعلمي ... ومعرفتي بحبك للظهور

فقلبه ابن الرومي فقال:

عشقك الغلمان ما أم ... كنك النسوان أفن

إنما يكتب في الظه ... ر إذا أعوز بطن

وقد كره الناس الظهور، وأمر بترك استعمالها في النسخ وإنشائها، فكيف في المكاتبة. وقيل هي تفسد النيات، وتذيع الأسرار بما في باطنها، وتشعث الخطوط، وتغض من سمو الدولة، وتحقر من قدر المعنى أكثر مما بقدر منها من الارتفاق والقيمة بينها وبين النقي. وأكثر ما يكون إنصاف كتب مقطوعة، وإذا كانت كذلك كانت جنونا، ولهذا قال أبو تمام:

عذل شبيه بالجنون كأنما ... قرأت به الورهاء سطر كتاب

واعتذر آخر من كتابته في الظهر فقال:

إن كتابي لك في الظهر ... يخبر أني ظاهر الفقر

فاعذر بنفسي أنت من سيد ... فالعذر أولى بالفتى الحر

واعلم وإن كنت الذي علمه ... يفوق علم البدو والحضر

إن الغنى يصلح دين الفتى ... والفقر سواق إلى الكفر

<<  <   >  >>