للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعتبه، فألهب له نار هجاء لا يطفيها الدهر، وعلامة ذلك قوله في كلام منثور قد ذكره ولي هذا الأمر، فما ظن أن الرياسة تنجذب إليه، ولا أن العز يتحصل له بحط إخوانه عن منزلتهم، ونقصهم عن مرتبتهم، فبخسني في المكتابة، وأساءني في المعاملة، في كلام له طويل، ثم نظم ذلك في شعر فقال:

من رأى في الأنام مثل أخ لي ... كان عوني على الزمان وخلي

رفعته حال فحاول حطي ... وأبى أن يعز إلا بذلي

وكان الخطاب في أول الأمر، ثم أنحى عليه بالهجاء.

فافتقد - أعزك الله - إنصاف إخوانك وتجنب ظلمهم يصف لك غدير ودهم.

وحدثنا محمد بن العباس الشلمغاني، قال: لما ولي ابن بشر المرثدي كتابة الموفق بالله نقص أحمد بن علي المازراني في الدعاء حين كاتبه فكتب إليه:

كلما رمت أن أخلف من كا ... ن أمامي خلفت عمن ورائي

انقصت الدعاء لي منك لما ... زادك الله رفعة في دعائي

فلئن تم ما أراه وأصبح ... ت: وزيراً لتطعمني جزائي

قال: فاعتذر إليه وزاده في الدعاء.

وكان هذا في كلام منثور لمن كان قبل المازراني: وكنت آمل لك الرفعة، ولم أدر أنها تكسيني الضعة، وأرجو لك الثروة ولم أدر أنها تؤديني إلى الإضافة، فكان المنى طرد العنى، والدعاء سبب الثراء.

وكتب أبو حفص عمر بن أيوب إلى أبي الحسين أحمد بن محمد بن المدبر يعاتبه في أن دعا له " مد الله في عمرك ":

<<  <   >  >>