عز وجل:" فبأي آلاء ربكما تكذبان " أي فبأي نعمه لما عدد في سورة الرحمن نعمه على عباده، أتبع كل نعمة بذلك توبيخاً لمن كفر به، وجحد نعمه. فإذا قالوا:" وأدام عزك " فإن العز ضد الذل وأصله المنعة، وعز الشيء إذا امتنع وهو من قولهم: أرض عزاز إذا كانت صلبة وقولهم " من عز بز " أي من غلب سلب، لأنه يقال بزه كذا أي أخذه منه.
قال الصولي: ودخلت يوماً على بعض الوزراء، وهو يقرأ كتاباً، من عامل له، فمر فيه على " قد علم الله نصحي واجتهادي وإيالتي " فقال ما معنى إيالتي؟ قلت يريد حسن قيامي. حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: سمعت ابن الأعرابي يقول: سمعت العرب تقول: آل ايلة فلان يؤولها أو لا وإيالة إذا كان حسن القيام عليها.
فأما قولهم: وجميل بلائه لديك، فإني سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلب وقد سئل عن بيت زهير:
رأى الله بالإحسان ما فعلا بكم ... فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو
فقال المعنى رأى الله إحسانهما فصنع إليهما خير الصنيع الذي يبتلي به عباده لأنه يبتلي بالخير والشر والصحة والسقم. قال محمد بن يحيى الصولي: وقال أبو عبيدة: فاختبرهما بخير ما يختبر به لا بشره، لأن الابتلاء عنده الاختبار، ومنه " لنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين "، أي ولنختبرهم، وقد علم ذلك عز وجل كيف يكون، ولكنه يريد أن يقع منهم فعل له يقع عليه الجزاء والعقاب، لأنه لا يعذب على علمه ماذا فعلوا، فقد علم كيف كان، وعلمه عز وجل سواء فيما يكون وفيما كان إلا أنه لا يوجب الجزاء للعباد، وعليهم على ما يعلم منهم من إحسان وإساءة إلا بعد وقوع الفعل من العباد.