وروي أيضاً أنه قرأ صكاً محله شعبان. فقال: أي الشعابين الماضي أم الآتي؟ فكان سبب التأريخ من الهجرة، بعد أن قالوا: نؤرخ بعام الفيل، وقالوا: من المبعث، ثم أجمع الرأي على الهجرة. وقالوا ما يكون أول التاريخ؟ فقال بعضهم: شهر رمضان، وقال بعضهم: رجب فإنه شهر حرام والعرب تعظمه، ثم أجمعوا على المحرم، فقالوا: شهر حرام وهو منصرف الناس من الحج. وكان آخر الأشهر الحرم فصيروه أولاً لأنها عندهم ثلاثة سرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والفرد رجب، فكانت الأربعة تقع في سنتين، فلما صار المحرم أولاً وقعت في سنة.
قال الصولي وسألت أبا ذكوان عن أرخت وورخت. فقال: مثله أكدت الأمر تأكيداً، ووكدته توكيداً لغة تميم، وبها نزل القرآن:" ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ". وأما التاريخ بلغة قيس فهو الذي يستعمله الناس، وأما التواريخ لغة تميم فما استعمله كاتب قط، وإن كانت العرب تتكلم به.
وغلبت العرب الليالي على الأيام في التاريخ، لأن ليلة الشهر سبقت يومه ولم يلدها وولدتهن ولأن الأهلة لليالي دون الأيام، وفيها دخول الشهر، وما ذكرهما الله عز وجل إلا قدم الليالي قال الله تعالى:" سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ". وقال:" يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ". وقال جل اسمه:" سيروا فيها وأياماً آمنين ".