أن منافعه بها كثيرة فاختصر ذكرها وقال:" ولي فيها مآرب أخرى ".
وقالوا:" البلاغة لمحة دالة ". وقالوا:" لا تنفق كلمتين إذا كفتك كلمة " وأنشدني أحمد بن إسماعيل الكاتب لنفسه:
خير الكلام قليل ... على كثير دليل
والعي معنى قصير ... يحويه لفظ طويل
وفي الكلام فضول ... وفيه قال وقيل
أولا ترى إلى موضع الإيجاز بذكر الحجة في القرآن كيف أتى مختصراً معجزاً وهو فيه كثير، فمنه قوله تبارك وتعالى:" وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " ثم قال عز وجل في مكان آخر يذكر هذا: " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ". ثم قال في مكان آخر، وقد أمرهم أن يعتبروا، فقرب ذلك عليه فقال:" وفي أنفسكم لأفلا تبصرون " ففي كل شيء من خلق الله عز وجل: للإنسان عبرة إلا أن أقربها وأخصرها أمر نفسه.
ثم اختصر عز وجل أمره ونهيه، وتحليله وتحريمه، واستثنى في الذي أحل، ما نذكره بعد من حرامه، وفي الذي أحل وقتاً يحرم فيه كل ذلك. إذا كتب أجزأه فيه سطرواحد، وهو قوله عز وجل:" يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتل عليكم غي محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد " فأمر بأن نوفي بعقوده ثم أحل بهائم الأنعام، واستثنى ما يحرم منها ما يجيء بعد، ثم ذكر أن هذا الحلال يحرم على المحرم. ولو أراد أبلغ الكتاب أن يجيء بهذه في أسطر كثيرة ما أمكنه على عجزه في