للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض الكتاب: أكثر حيل الكاتب في بلاغته يقصد شيئاً فيأتي بغيره ويدرجه فيه.

قال محمد بن يحيى الصولي: ومن ذلك ما حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف عن أبيه قال: دخلت على المأمون وفي يده كتاب ورد من عمرو بن مسعدة وهو يردد النظر فيه مرات، ثم قال لي: أظنك قد أفكرت في تردادي النظر في هذا الكتاب. قلت: قد أفكرت في ذلك. قال: إني عجبت من بلاغته واحتياله لمراده كتب: كتابي إلى أمير المؤمنين، أعزه الله، ومن قبلي من قواده وأجناده، في الطاعة والانقياد على أحسن ما تكون عليه طاعة جند، تأخرت أرزاقهم واختلت أحوالهم " ألا ترى يا أحمد إلى إدماجه الخلة في الأجناد وإعفاء سلطانه من الأكثار، ثم أمر لهم برزق ثمانية أشهر.

ونحوه هذا ما حدثني به أبو علي السجزي قال: لما ولي عبد الله بن سليمان الوزارة أوصلت إليه كتاباً من عبيد الله بن عبد الله وفيه شعر له:

أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا ... وأعفنا فيمن نحب ونكرم

فقلت له: نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا إن المهم المقدم

فلما قرأ عبد الله هذا الشعر قال: ما أحسن ما احتال في شكوى حاله، بين أضعاف مدحه، فأوصل رقاعه إلي فقضى كل حاجة كانت له.

وحدثني علي بن الصباح، عن حماد، عن الهيثم بن عدي، قال: كان الحجاج يستبطئ المهلب في حرب الأزارقة والمهلب، محسن مجتهد يستحق مكان الذم الشكر. فكتب إليه المهلب:

<<  <   >  >>