ويعنى بتعهد الليقة والكرسف بالملح والكافور، وإن غيرت في كل يومين أو ثلاثة كان آمن لتغيرها وربما أغفل ذلك فاستكرهت الرائحة وظهر من نتنها ما يخجل له. وتهيا ذلك على بعض الكتاب حتى ظن رئيسه أنه أبخر فشكا ذلك إلى نديم له فقال النديم: ما عرفت ذلك منه، ولكن لعلة أغفل ذلك من أمر دواته وتفقدها. فقال الرئيس: عذره في بخره أبسط عندي منه في نتن دواته، لأنه في ذلك مضطر وهو في هذا مختار. ثم نبهه نديمه على ذلك فلم يجر عليه بعد. وقال بعض الشعراء في هذا المعنى يهجو كاتباً:
دخيل في الكتابة ليس منها ... له فكر تعد ولا بديه
تشاكل أمره خلقاً وخلقاً ... فظاهره لباطنه شبيه
كأن دواته من ريقه فيه ... تلاق فنشرها أبداً كريه
وقال أحمد بن إسماعيل حذراً من هذا:
كأنما النقس إذا استمده ... غالية مذوقة بنده
قال وأنشدنا أحمد بن إسماعيل للحسن بن وهب:
مداد مثل خافية الغراب ... وقرطاس كرقراق السراب
وأقلام كمرهفة الحراب ... وألفاظ كأيام الشباب
وأحمد بن إسماعيل الذي يقول:
وإذا نمنمت بنانك خطاً ... معرباً عن إصابة وسداد
عجب الناس من بياض معان ... يجتنى من سواد ذاك المداد