قال أبو جعفر (٦٥/ ١١) فى تفسيره: والصواب من القول فى ذلك عنده: هو أن اللَّه عنى بها الذين وصفهم بقوله {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ}. . . الآية ثم قال جل ثناؤه: ما كان لأهل المدينة الذين تخلفوا عن رسول اللَّه، ولا لمن حولهم من الأعراب الذين قعدوا عن الجهاد معه أن يتخلفوا خلافه، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ندب فى غزوته تلك كل من أطاق النهوض محه، الى الشخوص إلا من أذن له، أو امره بالمقام بحده، فلم يكن لمن قدر على الشخوص التخلف، فندد جل ثناؤه من تخلف منهم، فأظهر نفاق من كان تخلفه منهم نفاقا، وعذر من كان تخلفه لعذر، وتاب على من كان تخلفه تفريطا، من غير شك ولا أرتياب فى أمر اللَّه إذا تاب من خطأ ما كان منه من الفعل. فأما التخلف عنه فى حال استغنائه -فلم يكن محظورا، إذا لم يكن عن كراهته منه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، وكذلك حكم المسلمين اليوم ازاء إمامهم فليس بفرض على جميعهم النهوض معه إلا فى حال حاجته إليهم لما لابد للإسلام وأهله من حضورهم، واجتماعهم، واستنهاضه إياهم، فيلزم حينئذ طاعته، وإذا كان ذلك معنى الآية. فلم تكن احدى الآيتين اللتين ذكرنا ناسخة للأخرى، إذ لم تكن أحداهما نافية حكم الأخرى من كل وجوه، ولا جاء خبر يوجه الحجة بأن أحداهما ناسخة للأخرى. قلت: كلام جيد، وتوجيه وجيه وتوفيق حسن انظر تفسير ابن كثير (٢٦٨ - ٢٧١/ ٤) مع البغوى. إذ يقول رحمه اللَّه تعالى: تحت قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} الخ التوبة: ١٢٢ هذا بيان من اللَّه تعالى، لما أراد من =