للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر:

حدثنا ابن وكيع، قال ثنا أبى (١)، عن سفيان (٢) عن شبيب بن


= وقالوا: إنه تعالى لما أمر قتال المشركين كافة أرشدهم فى ذلك الباب إلى الطريق الأصوب الأصلح، وهو أن يبتدءوا من الأقرب فالأقرب، منتقلا إلى الأبعد فالأبعد، ألا ترى، أن أمر الدعوة وقع على هذا الترتيب قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وأمر الغزوات وقع على هذا الترتيب لانه عليه الصلاة والسلام، حارب قومه، ثم انتقل منهم إلى غزو سائر العرب. ثم انتقل منهم إلى غزو الشام، والصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم لما فرغوا من أمر الشام دخلوا العراق. قلت: إن الابتداء بالغزو من الموضح القريب. أولى لوجوه عديدة، منها أن مقابلة الكل دفعة واحدة متعذرة، ولما تساوى الكل فى وجوب القتال لما فيم من الكفر والمحاربة، وامتنع الجمع، وجب الترجيح والقرب مرجح ظاهر، كما رأيت من أمر الدعوة، وكما فى سائر المهمات، ومنها أن الابتداء بالأقرب أولى. لأن النفقة فيه أقل، والحاجة إلى الدواب والآلات، والأدوات أقل، ومنها أن الفرقة المجاهدة إذا تجاوزت من الأقرب إلى الأبعد، فقد عرضوا الذرارى والأهل للفتنة؛ حصل للقوات الباكستانية فى الحرب الأخيرة مع الهند. فالقوات كانت تحارب فى أقصى الهند وتركت الأعداء فى القريب، ومن هنا ضعفت واستكانت، فنفهم من الآية الخطة المستقيمة الحربية إلى وضعها القرآن وأنها خطة عظيمة نافعة، انظر البحر المحيط لابي حيان (١١٤ - ١١٥/ ٥) والكشاف للزمخشرى (٥٧٣ - ٥٧٤/ ١) وظلال القرآن للسيد قطب (٤٣ - ٤٤/ ١١).
(١) هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسى، بضم الراء وهمزة ثم مهملة، أبو سفيان الكوفى، ثقة، حافظ عابد، من كبار التاسعة، مات فى آخر سنة ١٩٦ هـ وله سبعون سنة/ ع، انظر التقريب (٣٣١/ ٢).
(٢) هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى، أبو عبد اللَّه الكوفى، ثقة حافظ، فقيه، عابد، أمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلس، مات ١٦١ هـ، وله ٦٤/ ع، انظر التقريب (٣٣١/ ١).

<<  <   >  >>