للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذه الآداب التي تتعلق بالضبط والإتقان:

١ - رفع الصوت عند التحديث:

لاشك أن وضوح صوت المحدث أثناء التحديث من العوامل التي تساعد على توثيق المروي، فكلما كان صوت الشيخ واضحًا، كلما استطاع الحاضرون الأمن من دخول تصحيف في المرويات؛ ولذا قد خص المحدثون ما ينشأ عن الخطأ من السمع بنوع خاص، وهو تصحيف السمع.

لذا اعتبر المحدثون رفع صوت المحدث من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها؛ حتى يسمعه الطلاب، وخاصة إذا كثر المستمعون؛ مراعاة لضعاف السمع.

قال الخطيب: فإن حضر المجلس سيئ السمع، وجب على المحدث أن يرفع صوته حتى يُسمعه (١).

ولقد عقد الخطيب في كتابه القيم «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» بابًا كاملًا خصه بالحديث عن إصلاح المحدث (٢): هيئته، وأخذه لرواية الحديث زينته، وهي باختصار شديد:

أن يبدأ بالسواك ويقص أظفاره إذا طالت، ويأخذ من شاربه، ويسكن شعث رأسه، وإذا اتسخ ثوبه غسله، وإذا أكل طعامًا زُهْمًا (٣) أنقى يديه من غَمَره (٤).

ويجتنب من الأطعمة ما كره ريحه، ويغير شيبه بالخضاب؛ مخالفة لطريقة أهل الكتاب، ويستحب لباس الأبيض من الثياب، ويستحب له أن يلبس القلنسوة، ويعتم من فوقها بالعمامة.


(١) «الجامع» ١/ ٤١٣.
(٢) ينظر «الجامع» ١/ ٣٧٢ - ٤١٦
(٣) قَال في «القاموس»: الزهومة والزهمة بضمهما: ريح لحم سمين منتن، والزهم بالضم: الريح المنتنة.
(٤) الغَمَر: زنخ اللحم، وما يتعلق باليد من دسمه، كما في «القاموس».

<<  <  ج: ص:  >  >>