فهو كتاب يحتاج إليه الشيخ الراوي، كما يحتاج إليه الحافظ الواعي، ويتدرج به المبتدئ كما يتذكر به المنتهي، ويضطر إليه طالب التفقه والاجتهاد، كما لا يستغنى عنه راغب السماع والإسناد، ويحتج به الأديب في مذاكرته، كما يعتمد عليه المناظر في محاضرته.
وسيعلم من وقف عليه من أهل المعرفة والدراية قدره، ويوفيه أهل الإنصاف والديانة حقه، فإني نخلت فيه معلومي، وبثته مكتومي، ورصعته بجواهر محفوظي ومفهومي، وأودعته مصونات الصنادق والصدور، وسمحت فيه بمضنونات المشائخ والصدور، مما لا يبيحون خفى ذكره لكل ناعق، ولا يبوحون بسره في متداولات المهارق، ولا يقلدون خطير دره إلا لبات أهل الحقائق، ولا يرفعون منها راية إلا لمن يتلقاها باليمين، ولا يودعون منها آية إلا عند ثقة أمين.
وقد ألفته بحكم الاضطرار والاختيار، وصنفته منتقى النكت من خيار الخيار، وأودعته غرائب الودائع والأسرار، وأطلعته شمسا يشرق شعاعها في سائر الأقطار، وحررته تحريرا تحار فيه العقول والأفكار، وقربته تقريبا تتقلب فيه القلوب والأبصار، وسميته بمشارق الأنوار على صحاح الآثار.
طبعات الكتاب
وقفت للكتاب على طبعتين:
الأولى: طبعة سنة ١٣٣٣ من الهجرة النبوية، طبع ونشر المكتبة العتيقة بتونس، ودار التراث بالقاهرة، وهي في مجلدين من القطع الكبير.
والطبعة الثانية: سنة ١٤٠٢ هـ طبعتها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، بدولة المغرب بأمر من الملك الحسن الثاني.
وهي في مجلدين من القطع الصغير، بتحقيق البلعمشي أحمد يكن.