فلا شكَّ أنَّ التأملَ في هذهِ السننِ وغيرِها مما يورثُ تعظيمَ اللهِ في القلوبِ، لأنه يؤدِّي إلى حقيقةٍ مفادُها أنَّ لهذا الكونِ إلهًا عظيمًا قادرًا، له مقاليدُ كلِّ شيءٍ، ولا يُعْجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، غيرَ أنه سبحانه وتعالى قد سَيَّرَ هذا الكونَ بما فيه وَفْقَ نظامٍ مُحكمٍ وقوانينَ ثابتةٍ لا تتبدلُ ولا تتغيرُ.
٨ - معرفةُ بعضِ جوانبِ الإعجازِ العلميِّ في القرآنِ والسنةِ:
ومثالُ ذلكَ قولُ اللهِ تعالى:{وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}[الطارق:١٢]، قال الدكتور زغلولٌ النجارُ: «من الآياتِ الوصفيةِ المبهرةِ قولُ الحقِّ تبارك وتعالى في سورةِ الطارقِ: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} فهذا قسمٌ عظيمٌ لحقيقةٍ كونيةٍ مبهرةٍ لم يُدْرِكْها العلماءُ إلَّا في النِّصفِ الأخيرِ من القرنِ العشرينَ.
فالأرضُ التي نَحْيَا عليها لها غلافٌ صَخْرِيٌّ خارجيٌّ، هذا الغلافُ مُمَزَّقٌ بشبكةٍ هائلةٍ من الصُّدوعِ، تمتدُّ لمئاتِ الآلافِ من الكيلومتراتِ طولًا وعرضًا، بعمقٍ يتراوحُ ما بين ٦٥ كيلومترًا و١٥٠ كيلومترًا في كلِّ الاتجاهات.
ومن الغريبِ أن هذه الصدوعَ مرتبطةٌ ببعضِها البعضِ ارتباطًا يجعلُها كأنَّها صدعٌ واحدٌ، يُشَبِّهُهُ العلماءُ باللِّحامِ على كرةِ التنسِ.
وانطلاقًا من ذلك يُقْسِمُ اللهُ تعالى بهذه الحقيقةِ الكونيةِ المبهرةِ، التي لم يَسْتَطِعْ العلماءُ أن يدركُوا أبعادَها إلا بعدَ الحربِ العالميَّةِ الثانِيَةِ، واستمرتْ دراستُهم لها لأكثر من عشرينَ سنةً متصلةً من ١٩٤٥ م - ١٩٦٥ م حتى استطاعُوا أن يرسمُوا هذه الصدوعَ بالكاملِ، والقرآنُ الكريمُ كانَ قد سبقَ