وانظرْ بفكرِك إلى سَعَةِ البحرِ وتسخيرِ الفُلكِ فيه، وما فيه من دابةٍ.
قال يحيى بنُ أبي كثيرٍ: خلقَ اللهُ ألفَ أمةٍ، فأسْكَنَ ستمائةٍ في البحرِ، وأربعمائةٍ في البرِّ.
واعجبًا لك! لو رأيتَ خطًّا مستحسَنَ الرَّقْمِ، لأدرَكَك الدهشُ من حكمةِ الكاتبِ، وأنت تَرَى رقومَ القدرةِ ولا تعرفُ الخالقَ، فإن لم تَعْرِفْهُ بتلك الصنعةِ، فتَعَجَّبْ كيف أعْمَى بصيرتَك مع رؤيةِ بصرِك! (١).
فسبحانَك يا ربَّنا .. يا من سبحتْ له الكائناتُ .. وسجدَ له الصخرُ والنباتُ .. وتدكدَكَتْ لخشيتِه الجبالُ الراسياتُ ..
يُسبِّحه النبعُ بين المروجِ ... يسبِّحُ دومًا أريجُ الزَّهَر
يسبِّحه النورُ بين الغصونِ ... وسِحْرُ المساءِ وضوءُ القَمَر
قال الإمامُ ابنُ الجوزيِّ: عَرض لي في طريقِ الحجِّ خوفٌ من العربِ، فَسِرْنَا على طريقِ خيبرٍ، فرأيتُ من الجبالِ الهائلةِ والطرقِ العجيبةِ ما أذهَلَنِي .. وزادتْ عظمةُ الخالقِ عز وجل في صَدْرِي، فصارَ يعرِضُ لي عند ذكرِ تلك الطرقِ نوعُ تعظيمٍ لا أجدُه عند ذكرِ غيرِهَا.