للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الملكُ الذي لا شريكَ له، والفردُ فلا ندَّ له، والغنيُّ فلا ظهيرَ له، والصمدُ فلا ولدَ له، ولا صاحبةَ له، والعليُّ فلا شبيهَ له، ولا سَمِيَّ له، كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهَهُ، وكلُّ مُلكٍ زائلٌ إلا ملكهُ، وكلُّ ظلٍّ قَالِصٌ إلا ظِلُّهُ، وكلُّ فضلٍ منقطعٌ إلا فضله.

لن يُطاعَ إلا بفضلهِ ورحمتهِ، ولن يُعصى إلا بعلمهِ وحكمتهِ، يُطاعُ فيَشكرُ، ويُعصَى فيتجاوزُ ويَغْفِرُ، كلُّ نقمةٍ منه عدلٌ، وكلُّ نعمةٍ منه فضلٌ، أقربُ شهيدٍ، وأدنى حفيظٍ، حالَ دون النفوسِ، وأخذَ بالنواصي، ونسَخَ الآثار، وكتبَ الآجالَ، فالقلوبُ له مُفْضِيَةٌ، والسرُّ عنده علانيةٌ، والغيبُ عندَهُ شهادةٌ، عطاؤه كلامٌ، وعذابهُ كلامٌ، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:٨٢]» (١).

أما بعد:

فإنَّ هذا الكتابَ يهدفُ إلى ترسيخِ أعظمِ قيمةٍ في حياةِ المسلمِ وهي العبوديةُ للهِ عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.

والعبوديةُ هي: الذلُّ والخضوعُ والانقيادُ للهِ عز وجل والافتقارُ التامُّ إليه سبحانهُ، وتحقيقُ أنه لا معبودَ بحقّ إلا اللهُ، وهذا لا يكونُ إلا بتعظيمِ اللهِ عز وجل المتضمنِ للخوفِ والرجاءِ والمحبةِ له تعالى وقد ذمَّ اللهُ ? من لا يعظمُهُ فقال: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}.

وقال: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.


(١) انظر: الوابل الصيب؛ لابن القيم (ص:١٥، وما بعدها).

<<  <   >  >>