ومن اللصوص الذين يستعيرون الكتب ولا يردّونها، لذلك قررت قراراً لا رجعة فيه أن لا أعير أحداً كتاباً مهما كان السبب:
ألا يا مُستعيرَ الكُتْبِ دَعْني ... فإنّ إعارَتي للكُتْبِ عارُ
فمَحبوبي من الدُّنيا كتابي ... وهل أبصرتَ مَحبوباً يُعارُ؟
ومن اللصوص الذين لا يؤبَه لهم الذين يسرقون وقتك؛ فيأتي مَن يزورك على غير ميعاد، يهبط عليك كما تهبط المصيبة وينزل بك كموت الفجأة. ولطالما عطّل عليّ مثلُ هؤلاء مقالةً كنت أعدّها أو درساً كنت أحضّره. لذلك لا أستقبل الآن أحداً أبداً بلا موعد، لا كِبْراً مني ولكن حفاظاً على وقتي. وإذا كانت سرقة المال ذنباً، فسرقة الوقت الذي يأتي بالمال أكبر؛ الوقت الذي تنال به المال والعلم ويكون سبباً في دخولك الجنة أو في دخولك النار.
على أن هذا كله يُعَدّ في مجتمعاتنا من الشواذّ، والأصل في الناس الاستقامة والخير. ولكن بعض هذه الأفلام وهذه المسلسلات، المصرية خاصة منها والشكوى إلى الله، كلها أو جلها فيها الاحتيال والتزوير والسرقة وأن يكون المرء ذا وجهين. أهذه صورة شعب مصر؟ إني أغار على مصر، ومصر بلدي منها أصلي، وأبرّئ مصر، وأقول: لا والله ما هذه صورة شعب مصر، وإنه لأعَفّ وأنظف وأشرف مما تصوره به المسلسلات. فليتَّقِ الله فينا صانعوها (١).
* * *
(١) أكرم الله الشيخ فتوفّاه قبل أن يرى عجائب التمثيليات والمسلسلات السورية التي أنستنا ما كان قبلها! (مجاهد).