للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وصياح الفرسان؟ ألا ترى السيوف والأسنّة تلمع خلال الغبار؟ ألا تحسّ كأنْ قد مادت الأرض تحت أقدامك؟

وإنك لفي هذه الضجة وهذه الحركة، وإذا بكل متحرك قد سكن وكل صوت قد سكت، وإذا بالغبار قد انجاب، فتسأل: ماذا جرى؟ فتُجاب همساً أنْ قد وصل الخليفة.

ولا تسمع من هذه الخلائق كلها رِكزاً، ولا ترى إلا رؤوساً متدانية تتناجى في خفوت، وأصابع ممتدة تشير إليه، وأنظاراً جائلة تحاول أن تقع عليه. حتى إذا برز من بين الصفوف وصار


= وكانت عندهم أيضاً «النَّفّاطات»، وهي قاذفات النفط خاصة ولا تقذف الأحجار، و «الأمخال»، وهي آلات ينزعون بها الحجارة، و «الزحّافات»، وهي نوع من الدبّابات الصغيرة تتسع لجندي واحد.
هذه الآلات كلها -وغيرها من عدّة الحرب- تجدون وصفها في كتاب اسمه «التذكرة الهَرَويّة في الحِيَل الحربية» لعلي بن أبي بكر الهَرَوي المتوفى سنة ٦١١هـ، وهو كتاب نادر في موضوعه وقليلٌ انتشارُه في الأسواق، فقد طبعته وزارة الثقافة السورية منذ ربع قرن بتحقيق قيّم وتعليقات نفيسة لمطيع المرابط، ولم أعلم أنه أُعيد نشره ولا رأيت منه نسخاً في المكتبات من سنين طويلة، وأحسب أن نسخه كلها قد نفدت منذ زمن بعيد. وقد استفاد المحقّق فائدة عظيمة من كتاب نشرته وزارة الثقافة في دمشق أيضاً قبل نشر «التذكرة» بنحو عشر سنين، وهو كتاب «الحياة العسكرية عند العرب» لإحسان الهندي. هذا ما قرأته في حواشي «التذكرة» وفي قائمة مراجع التحقيق في آخرها، ولم أطّلع على هذا الكتاب للأسف ولا وصلت إليه، فأحسن الله إلى الرجلين على ما أفادانا به من علم في هذا الموضوع الذي يقلّ العلم فيه أو يكاد ينعدم (مجاهد).

<<  <   >  >>