الفَسَقة، ومع هذا يدّعي بعضُهم أنه أعدلُ من عمر، كما وقع لي مع بعضهم، فإنّا لله وإنا إليه راجعون.
أخبرنا جماعةٌ من شيوخنا، أنا ابن المحبِّ، أنا القاضي سليمانُ، أنا الحافظُ ضياءُ الدين، أنا ابنُ الجوزيِّ أنا المباركُ بنُ عليٍّ، أنا عبدُ اللهِ بنُ محمّدٍ الصّرديُّ، أنا أبو الحسنِ هبةُ الله بنُ عبدِ الله، أنا أبو الحسن بن بشرانَ، أنا دعلجُ بنُ أحمدَ، ثنا محمّدُ بنُ عليٍّ، ثنا سعيدُ بنُ منصورٍ، ثنا يونسُ بنُ أبي يعقوبَ، عن أبيه، قال: قال عبدُ الله بنُ عمرَ: اشتريتُ إِبلًا، وارتجعْتُها إلي الحِمي، فلما سَمِنَتْ، قَدِمْتُ بها أبيعُها، قال: فدخلَ عمرُ بنُ الخطاب السوقَ، فرأى إبلًا سِمانًا، فقال: لمن هذه الإبلُ؛ فقيل: لعبدِ الله بنِ عمرَ، فجعل يقول: يا عبدَ الله بنَ عمرَ! بَخٍ بَخٍ، ابنَ أميرِ المؤمنين، قال: فجئتُه أسعى، فقلت: مالكَ يا أميرَ المؤمنين؟ قال: ما هذهِ الإبلُ؟ قال: قلت: إبلٌ اشتريتها، وبعثت بها إلي الحِمي أبتغي ما يبتغي المسلمون، قال: فقالى: ارْعَوْا إبلَ ابنِ أميرِ المؤمنين، اسْقُوا إبلَ ابنِ أمير المؤمنين، يا عبدَ الله بنَ عمر! اغْدُ علي رأسِ مالك، واجعلْ باقيه في بيت مالِ المسلمين (١).
فانظر إلي هذا العدلِ الزائد الذي لا يفعله أحد، فأيُّ أميرٍ تحدثه نفسُه في زماننا هذا أنه مثلُه، أو يدانيه مع الظلم الزائد؟
(١) رواه ابن الجوزي في "مناقب عمر" (ص: ١٥٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٤/ ٣٢٦ - ٣٢٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ١٤٧).