وبين عمر، قال: أي رحمك الله! وما يُدري عمرَ بكم؟ قالت: يتولَّي أمرَنا، ثم يغفلُ عنّا؟! -وفي رواية: لأي شيء هذا أمير المؤمنين-. قال: فأقبل عليَّ، فقال: قد كِدْتُ أهلِك، انطلقْ بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دارَ الدقيق، فأخرجَ عدلًا من الدقيق، وَكبة من شحم، فقال: احملْه عليَّ، فقلت: أنا أَحمله عنكَ، فقال: أنتَ تحمل وِزْري يومَ القيامة لا أمّ لك؟! احملْه عليَّ، فحملته عليه، فانطلقَ، وانطلقتُ معه إليها نُهرول، فألقي ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئًا، فجعل يقول لها: ذُريّ علي، وأنا أُحَرِّك، وجعل ينفخ تحت القِدْر، ثم أنزلها، فقال: ابغني شيئًا، فأتته بصَحْفَة، فأفرغ فيها، ثم جعل يقول لها: أَطعميهم، وأنا أسطحُ لكِ لهم، فلم يزل يفعل حتى شبعوا، وترك عندها فضلَ ذلك، وقام، وقمتُ معه، فجعلَتْ تقول: جزاكَ الله خيرًا، كنتَ أولي بهذا من أمير المؤمنين، فيقول لها: قولي خيرًا، إذا جئتِ أميرَ المؤمنين، وجدتيني هناك -إن شاء الله-. قال: ثم تنحّى ناحيةً عنها، ثم استقبلها، فربضَ مربضَ السبعِ، فقلت: لك شأن غير هذا؟ فلا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون، ثم ناموا وهدؤوا، فقال: يا أسلم! الجوعُ أسهرهم وأبكاهم، وأحببت ألا أنصرف حتى أرى ما رأيت (١).
وبه إلي ابن الجوزي، أنا محمّدُ بنُ أبي طاهر، أنا أبو محمّدٍ الجوهريُّ، أنا أبو عمرَ بنُ حيويه، أنا أبو الحسن بنُ معروفٍ، ثنا الحسينُ بنُ الفهمِ، ثنا محمّدُ بنُ سعد، ثنا محمّدُ بنُ عمرَ، حدثني
(١) ورواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (١/ ٢٩٠ - ٢٩١).