للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبدُ الله بنُ زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: كان عمر يصوم الدهر، فكان زمان الرمادة إذا أمسى، أُتي بخبز قد ثُرِدَ بالزيت، إلي أن نحروا يومًا من الأيام جَزورًا، فأطعمها الناسَ، وغرفوا له طيبها، فأُتي به، وإذا قدرٌ من سنامٍ وكبدٍ، فقال: أَنَّى هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين! من الجزور التي نحرنا اليوم، قال: بَخٍ بَخٍ، بئس الوالي أنا إن أكلتُ طيبها، وأطعمتُ الناسَ كراديسها، ارفعْ هذه الجفنةَ، هاتِ لنا غيرَ هذا الطعام، فأتي بخبز وزيت، فجعل يكسر بيده، ويثرد ذلك الخبز، ثم قال: ويلك يا يرفأ، احملْ هذه الجفنة حتى تأتي بها أهلَ بيت بِثَمْغ، فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام، وأحسبهم مُقْفرين، فضعها بين أيديهم (١).

قال ابن سعد: قال عوفُ بنُ الحارث، عن أبيه: إنما سُمي عامَ الرمادة؛ لأن الأرض كلَّها صارت سوداء، فشُبهت بالرماد، وكانت تسعة أشهر.

قال ابن سعد: ونظر عمرُ عامَ الرمادة إلي بطِّيخةَ في يد بعضِ ولده، فقال: بَخٍ بَخٍ! ابنُ أمير المؤمنين يأكل الفاكهةَ، وأمةُ محمّدٍ هزلى؟! فخرج الصبي هاربًا، وبكي، فقالوا: اشتراها بكفٍّ من نوى.

قال ابنُ سعد: قال عياضُ بن خليفة: رأيت عمرَ عام الرمادة وهو أسودُ اللون، ولقد كان أبيضَ، كان رجلًا عربيًا يأكل السمنَ واللبن، فلما أَمحلَ الناسُ، حرمها، وأكل الزيت حتى غيَّر لونَه، وجاع فأكثر.


(١) رواه ابن الجوزي في "مناقب عمر" (ص: ٧١).

<<  <   >  >>