للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين ربكم، ألا إنه قد أتى عليّ حين وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده، فقد خيّل إليّ بآخره أن رجالًا قد قرأوه يريدون به ما عند الناس، فأريدوا الله تعالي بقراءتكم، وأريدوه بأعمالكم، ألا وإني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلِّموكم دينكم وسنتكم، فمن عمل به سوى ذلك فليرفعه إليّ، فوالذي نفسي بيده لأُقصّنه منه، فوثب عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين! أفرأيت إن كان رجل من المسلمين علي رعيته، فأدب بعض رعيته، أئنك لتقصنه منه؟!، قال: إي، ومن نفس عمر بيده، إذًا لأقصّنه منه، أنّى لا أقصّ منه وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقصّ من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم (١).

وبه إلي ابن الجوزي، أنا المبارك بن علي، أنا محمد بن عبد السلام، أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو محمد بن كيسان، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا عبد الواحد بن غياث، ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي زرعة عمرو بن جرير، عن جرير بن عبد الله البجلي: أن رجلًا كان مع أبي موسى الأشعري، وكان ذا صوت، ونكاية في العدو، فغنموا مغنمًا، فأعطاه أبو موسى بعض سهمه، فأبى أن يقبله إلا جميعًا، فجلده أبو موسى عشرين سوطًا،


(١) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (١/ ٤١)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٢٨٢). ورواه أبو داود (٤٥٣٧)، كتاب: الديات، باب: القود من الضربة وقص الأمير من نفسه، مختصرًا.

<<  <   >  >>